وأما كونهما يُردّان إلى مهر المثل إذا ادعى الزوج أقل منه وادعت الزوجة أكثر منه؛ فلأن ذلك فائدة قبول قول من يدعيه.
وأما كون ذلك بلا يمين عند القاضي؛ فلأنها دعوى في نكاح. أشبهت الدعوى في أصل النكاح.
وأما كون اليمين تجب عند أبي الخطاب؛ فلأنه اختلاف فيما يجوز بدله فوجب أن تجب فيه اليمين؛ كالدعاوي في سائر الأموال.
فإن قيل: ما معنى قول المصنف رحمه الله: في الأحوال كلها؟
قيل: الدعوى توافق تارة قول المرأة، وتارة قول الزوج، وتارة تدعي المرأة أكثر والرجل أقل وغير ذلك من صور الاختلاف.
وقد صرح المصنف بنفي اليمين هنا عند القاضي وإثباتها عند أبي الخطاب.
وقال في المغني: إذا ادعى أقل من مهر المثل وادعت أكثر منه رد إلى مهر المثل. ولم يذكر أصحابنا يميناً، والأولى أن يتحالفا. فإن ما يقوله كل واحدٍ منهما محتمل للصحة. فلا يعدل عنه إلا بيمين من صاحبه؛ كالمنكر في سائر الدعاوي.
ولأنهما تساويا في عدم الظهور. فشرع التحالف؛ كما لو اختلف المتبايعان.
وفيما قاله في المغني نظر من وجهين أحدهما (١) أنه قال: ولم يذكر أصحابنا يميناً مع أنه قد صرح هنا بقول القاضي نفياً وأبي الخطاب إثباتاً.
وثانيهما: أنه قال: فشرع التحالف، ومفهومه أن كل واحدٍ منهما تجب عليه اليمين نفياً وإثباتاً فيقول هو: ما أصدقتها كذا ولقد أصدقتها كذا. وتقول هي: ما أصدقني كذا وإنما أصدقني كذا، ويحققه قياس ذلك على المتبايعين، ويمكن الجواب عن الثاني بأن المعوض حلف الزوج أنه ما أصدقها الذي ادعته وحلفت الزوجة أنه ما أصدقها الذي ادعاه.