ولأن الأرش يدخل في المهر لكون الواجب لها مهر المثل، ومهر البكر يزيد على مهر الثيب ببكارتها. فكانت الزيادة في المهر مقابلة لما أتلف من البكارة فلا يجب عوضها مرة ثانية.
قال:(وإذا دفع أجنبية فأذهب عذرتها فعليه أرش بكارتها. وقال القاضي: يجب مهر المثل. وإن فعل ذلك الزوج ثم طلق قبل الدخول لم يكن عليه إلا نصف المسمى).
أما كون من دفع أجنبية فأذهب بكارتها عليه أرش بكارتها على قول غير القاضي؛ فلأنه أتلف البكارة. فلزمه أرشها؛ كما لو أتلف منها جزءاً لم يرد الشرع فيه بتقدير.
وأما كون مهر المثل يجب على قول القاضي؛ فلما روي «أن رجلاً كانت عنده يتيمة. فخافت امرأته أن يتزوج بها. فاستعانت بنسوة ضبطنها لها فأفسدت عذرتها وقالت لزوجها: فَجَرَت. فأخبر علياً رضي الله عنه بذلك. فأرسل إلى امرأته والنسوة. فلما أتينه لم يلبثن أن اعترفن بما صنعن. فقال للحسن بن علي: اقض فيها. فقال: الحد على من قذفها، والمهر عليها وعلى الممسكات»(١).
ولأنه إتلاف يُستحق به مهر المثل في العقد. فإذا أتلفه أجنبي وجب مهر المثل؛ كمنفعة البضع.
ونسب المصنف في المغني قول القاضي إلى الإمام أحمد فقال فيه: قال أحمد: لها صداق نسائها. وكلامه فيه مشعر بترجيحه.
وأما كون الزوج إذا فعل ذلك ثم طلق قبل الدخول لا يكون عليه إلا نصف المسمى؛ فلأنها مطلقة قبل الدخول. فلم يستحق أكثر من نصف المسمى؛ كسائر المطلقات قبل الدخول.
ولأنه أتلف ما استحق إتلافه بالعقد. فلم يضمنه؛ كما لو أتلف عذرة أمته.
وقال في المغني: يتخرج أن يجب الصداق كاملاً؛ لأن أحمد رضي الله عنه قال: إن فعل ذلك أجنبي عليه الصداق. ففيما يفعله الزوج أولى.
(١) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (١٧٤٦٣) ٤: ٣٠ كتاب النكاح، ما قالوا في المرأة تفسد المرأة بيدها ما عليها في ذلك؟