للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما كونه يجيب أقربهما جواراً مع تساويهما في الدعوة والدِّين؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا اجتمعَ داعيان فأجبْ أقربَهما بابًا فإنَّ أقربَهما بابًا أقربَهما جوارًا» (١) رواه أبو داود.

وعن عائشة قالت: «قلت: يا رسول الله! إن لي جارين. فإلى أيهما أهدي؟ قال: إلى أقربهما منكِ بابًا» (٢) رواه البخاري.

فإن قيل: فإن كان أحدهما أقرب والآخر أدين.

قيل: ظاهر كلام المصنف رحمه الله تعالى هنا أنه يجيب الأدين؛ لأن الدين درجة رفيعة فكيف بالأدين.

وقال في المغني: يقدم أقربهما منه باباً فإن استويا فأدينهما. وظاهره أنه يجيب الجار الأقرب دون غيره وإن كان أدين منه؛ لأن القرب في الجوار مأخوذ من الحديث، والكثرة في الدين مأخوذة من الأصول.

قال: (وإن علم أن في الدعوة منكراً كالزمر والخمر وأمكنه الإنكار حضر وأنكر، وإلا لم يحضر).

أما كون من ذكر يحضر وينكر إذا أمكنه الإنكار؛ فلأن فيه تحصيل فرضين فرض الإجابة وفرض إزالة المنكر.

وأما كونه لا يحضر إذا لم يمكنه الإنكار؛ فلأن عليه ضرراً في الحضور.

ولأنه يحرم عليه مشاهدة المنكر مع إمكان عدم مشاهدته؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من كان يؤمنُ بالله واليوم الآخر فلا يقعد على مائدةٍ يُدارُ عليها الخمر» (٣). رواه أبو حفص.

ولأنه يشاهد المنكر من غير حاجة إليه. فمنع منه؛ كما لو شاهده مع القدرة على إزالته.


(١) أخرجه أبو داود في سننه (٣٧٥٦) ٣: ٣٤٤ كتاب الأطعمة، باب إذا اجتمع داعيان أيهما أحق.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه (٢٤٥٥) ٢: ٩١٦ كتاب الهبة وفضلها، باب بمن يبدأ بالهدية.
(٣) أخرجه الترمذي في جامعه (٢٨٠١) ٥: ١١٣ كتاب الأدب، باب ما جاء في دخول الحمام.، عن جابر بن عبدالله.
وأخرجه أحمد في مسنده (١٢٥) ١: ٢٠ عن عمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>