للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (ولا يجوز له الجمع بين زوجتيه (١) في مسكنٍ واحدٍ إلا برضاهما. ولا يجامع إحداهما بحيث تراه الأخرى أو غيرها. ولا يحدّثها بما جرى بينهما).

أما كون الزوج لا يجوز له الجمع بين زوجتيه في مسكنٍ واحدٍ بغير رضاهما؛ فلأن في الجمع ضرراً بهما لما بينهما من العداوة والغَيْرة، والجمع يثير المخاصمة والمقاتلة.

وأما كونه له ذلك برضاهما؛ فلأن الحق لهما فإذا رضيتا بإسقاطه سقط.

وأما كونه لا يجوز له أن يجامع إحداهما بحيث تراه الأخرى؛ فلما ذكر قبل.

فإن قيل: هل يجوز ذلك مع الإذن كالجمع في المسكن الواحد؟

قيل: لا. وكلام المصنف هنا مشعر به؛ لأنه استثنى ذلك في السكنى دون المجامعة. وصرح به في المغني فقال: إن رضيتا بأن يجامع واحدة واحدة بحيث تراه الأخرى لم يجز؛ لأن فيه دناءة وسخفاً وسقوط مروءة.

وأما كونه لا يجوز له ذلك بحيث تراه غير الضرة؛ فلأن فيه ما ذكر من الدناءة والسخف وسقوط المروءة، وربما كان وسيلة إلى وقوع الرائية في الفاحشة؛ لأنها قد تثور شهوتها بذلك فيؤدي إلى المحذور المذكور.

وأما كونه لا يحدّث الضرة بما جرى بينهما؛ فلأن ذلك سبب لإثارة الغيرة وبغض إحداهما الأخرى.

قال: (وله منعها من الخروج عن منزله. فإن مرض بعض محارمها أو مات استحب له أن يأذن لها في الخروج إليه).

أما كون الزوج له منع زوجته من الخروج عن منزله؛ فلما روى أنس «أن رجلاً سافرَ ومنع زوجته من الخروج عن منزله. فمرضَ أبوها. فاستأذنتْ رسول الله صلى الله عليه وسلم في عيادةِ أبيها. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: اتقي الله ولا تخالفي زوجك. فأوحى الله تعالى إلى النبي صلى الله عليه وسلم: قد غفرتُ لها بطاعةِ زوجها». رواه ابن بطة.

ولأن طاعة الزوج واجبة والعيادة وشبهها غير واجبة. فلم يجز ترك الواجب لغير الواجب.


(١) في أ: الأخرى، وما أثبتناه من المقنع.

<<  <  ج: ص:  >  >>