فإن قيل: الآية دلت على الضرب عند خوف النشوز ولم يشترط الإصرار على النشوز وعلى الضرب من غير تقييد. فلم قيد بغير المبرح؟
قيل: الجواب عن الأول أن الآية فيها إضمار تقديره: "واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن فإن نشزن فاهجروهن في المضاجع فإن أصررن فاضربوهن"؛ كما قال سبحانه وتعالى:{إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادًا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلافٍ أو ينفوا من الأرض}[المائدة: ٣٣]. والذي يدل على هذا أنه رتب هذه العقوبات على خوف النشوز ولا خلاف في أنه لا يضربها لخوف النشوز قبل إظهاره.
والجواب عن الثاني: أن إصرارها على منع حق زوجها ليس أبلغ من فعلها الفاحشة. وقد اشترط في ضربها على ذلك أن لا يكون مبرحاً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إن لكم عليهن أن لا يُوطئنَ فرشكُم أحداً تكرهونه. فإن فعلن فاضربوهن ضربًا غير مبرح»(١) رواه مسلم.
ومعنى غير مبرح: غير شديد.
(١) أخرجه مسلم في صحيحه (١٢١٨) ١: ٨٩١ كتاب الحج، باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم، عن جابر بن عبدالله.