للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: (فأما إن عضلها لتفتدي نفسها منه ففعلت فالخلع باطل والعوض مردود والزوجية بحالها؛ إلا أن يكون طلاقاً فيكون رجعياً).

أما كون الخلع فيما ذكر باطلاً؛ فلأن الله تعالى قال: {ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن} [النساء: ١٩].

ولأن مفهوم قوله: {فإن خفتم أن لا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به} [البقرة: ٢٢٩] يدل على الجناح إذا لم يخافا ألا يقيما حدود الله.

ولأنه عقد ألزمت على بذل عوضه بغير حق. فكان باطلاً؛ كالثمن في البيع، والأجر في الإجارة.

وأما كون العوض مردوداً؛ فلأن العقد باطل.

وأما كون الزوجية بحالها فيما عدا المستثنى؛ فلأن المقتضي للفرقة الخلع الصحيح ولم يوجد.

وأما كونه رجعياً إذا كان طلاقاً؛ فلأن الخلع إذا وقع بلفظ الطلاق أو نوى بالخلع الطلاق كان طلاقاً رجعياً لما يأتي ذكره في موضعه إن شاء الله تعالى.

فإن قيل: ما المراد بقوله: عضلها؟

قيل: ضارّها بالضرب والتضييق عليها أو منعها حقها من المنفعة والقسم ونحو ذلك. وليس كل صورة وجد فيها ذلك يكون الخلع باطلاً بل يصح ذلك في مواضع:

- منها: أنه لو ضربها على نشوزها أو منعها حقها من أجله لم يحرم خلعها؛ لأن ذلك لا يمنعها أن لا يخافا أن لا يقيما حدود الله. وفي بعض حديث حبيبة لزوجها «فضربهَا فكسرَ بعضها. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: خُذْ بعضَ مالِها وفَارقْها» (١) رواه أبو داود.

- ومنها: لو ضربها لسوء خلقه لا يريد بذلك أن تفتدي لم يحرم أيضاً خلعها لأنه لم يعضلها لتذهب ببعض ما آتاها. لكن عليه إثم الظلم.

-

-?


(١) أخرجه أبو داود في سننه (٢٢٢٨) ٢: ٢٦٩ كتاب الطلاق، باب في الخلع.

<<  <  ج: ص:  >  >>