للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (وإن عفى عن قاتله بعد الجرح صح. وإن أبرأه من الدية أو وصى له بها فهي وصية لقاتل هل تصح؟ على روايتين: إحداهما: تصح ويعتبر من الثلث. ويحتمل أن لا يصح عفوه عن المال ولا وصيته به لقاتل ولا غيره إذا قلنا أنه يحدث على ملك الورثة).

أما كون من عفى عن قاتله بعد الجرح يصح؛ فلأنه أسقط حقه بعد انعقاد سببه. فسقط؛ كما لو أسقط الشفعة بعد البيع.

وأما كون من أبرأه من الدية يكون إبراؤه وصية لقاتل؛ فلأن معناها إن متُّ فأنتَ في حلٍ، وذلك وصيةٌ لقاتل.

وأما كون من وصى له بها تكون وصيته وصية لقاتل؛ فلأنها وصية بمال. أشبه ما لو وصى له بعبده.

وأما كون الوصية لقاتل هل تصح؟ على روايتين فقد تقدم ذكرهما ودليلهما في باب الموصى له (١). فعلى القول بعدم الصحة لا تفريع وعلى القول بالصحة يعتبر ذلك من الثلث لأن هذا شأن الوصية.

ولأنها وصية بمال. أشبهت غيرها من الوصايا.

وأما كونه يحتمل أن لا يصح عفوه عن المال ولا وصيته به لقاتلٍ ولا غيره إذا قيل أنه يحدث على ملك الورثة؛ فلأن العفو عن ذلك والوصية به على القول المذكور عفو عن غير حقه ووصية به.

قال: (وإن أبرأ القاتل من الدية الواجبة على عاقلته أو العبد من جنايته التي يتعلق أرشها برقبته لم يصح، وإن أبرأ العاقلة والسيد صح).

أما كون من أبرأ القاتل أو العبد مما ذكر لا يصح؛ فلأن البراءة من ذلك براءة لغير من عليه الحق؛ لأن الدية الواجبة على العاقلة غير واجبة على القاتل والجناية المتعلق أرشها برقبة العبد غير واجبة عليه بل متعلقة بملك سيده وإذا كان كذلك وجب أن لا تصح البراءة؛ لأن صحة البراءة تقتضي تقدم ثبوت الحق على من أبرئ.


(١) ٣: ٢٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>