للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يختص به، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يجني جان إلا على نفسه» (١). تُرك العمل به في غير العمد المحض لأمر يختص به يأتي بيانه إن شاء الله تعالى فيبقى في العمد المحض على مقتضاه.

وأما كون الدية حالّة؛ فلأنها موجب عمد محض. فوجب كونها حالّة؛ كالقصاص.

وأما كون الدية فيما ذكر إذا كان الإتلاف شبه عمد على العاقلة؛ فلما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: «اقتتلتِ امرأتان من هُذيل فرمتْ إحداهُما الأخرى بحجرٍ فقتلتْها وما في بطنِها. فقضَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بديةِ المرأةِ على عاقِلَتِها» (٢). متفق عليه.

ولأن شبه العمد نوعُ قتل لا يوجب قصاصاً. فأوجب الدية على العاقلة؛ كالخطأ.

وأما كون الدية فيما ذكر إذا كان خطأً على العاقلة؛ فلأنه قد ثبت في الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم «أنه قضى بدية الخطأ على العاقلة» (٣).

قال ابن المنذر: أجمع على هذا -يعني على تحمل العاقلة دية الخطأ- كل من نحفظ عنه من أهل العلم.

ولأن في إيجاب دية شبه العمد عليها تنبيهاً على إيجاب دية الخطأ عليها (٤).

فإن قيل: ما المعنى في تحمل العاقلة ذلك؟

قيل: لأن جنايات الخطأ تكثر ودية الآدمي كبيرة فإيجابها على الجاني في ماله تجحف به. فاقتضت الحكمة إيجابها على العاقلة على سبيل المواساة للقاتل والإعانة له تخفيفاً عنه.


(١) أخرجه الترمذي في جامعه (٢١٥٩) ٤: ٤٦١ كتاب الفتن، باب ما جاء في دماؤكم وأموالكم عليكم حرام.
وأخرجه ابن ماجة في سننه (٣٠٥٥) ٢: ١٠١٥ كتاب المناسك، باب الخطبة يوم النحر.
(٢) سبق تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..
(٣) تقدم حديث أبي هريرة: «وقضى بدية المرأةِ على عاقِلتها» ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..
(٤) في أ: عليهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>