للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فكانت دية كل واحد منهما على عاقلة الآخر؛ لما تقدم من أن العاقلة تحمل قتل الخطأ.

وأما كون كل واحد من الراكبين السائرين عليه قيمة دابة الآخر إذا ماتتا أي بذلك؛ فلأن تلف دابة كل واحد منهما حصل بصدمة الآخر. فوجب ضمان الدابة على متلفها؛ كما لو أتلفها بغير المصادمة.

وأما كون السائر على عاقلته ضمان الواقف وعليه ضمان دابته إذا كان أحدهما يسير والآخر واقفاً ولم يكن في طريق ضيق؛ فلأنهما تلفا بصدمة السائر من غير تعد في الوقوف، وضمان النفس على العاقلة لأنه قتل خطأ وضمان المال على المتلف لأن العاقلة لا تحمل ذلك.

فإن قيل: كلام المصنف يقتضي أن يكون ضمان الكل على السائر فإنه قال: فعلى (١) السائر ضمان الواقف ودابته.

قيل: ليس الحكم كذلك صرح به صاحب النهاية وغيره.

وظاهر كلام المصنف رحمه الله أن دم السائر هدر لأنه لم يوجبه على أحد بل جعل ضمان الواقف عليه لتعد به. وهو صحيح صرح به صاحب النهاية فيها وغيره.

وأما كون القاعد أو الواقف في الطريق الضيق لا ضمان فيه؛ فلأن السائر لم يتعد عليه بل القاعد أو الواقف (٢) هو المتعدي عليه، ولذلك يجب عليه ضمان ما أتلف من السائر وماله. لكن يكون ضمان النفس على عاقلة القاعد أو الواقف، وضمان المال على المتلف لما تقدم.

ولا بد أن يلحظ أن الطريق الضيق غير مملوك للواقف أو القاعد لأنه إذا كان مملوكاً له (٣) لم يكن متعدياً بوقوفه بل السائر هو المتعدي لسلوكه ملك غيره بغير إذنه.


(١) في أ: فإن قال وعلى.
(٢) في أ: القاعد.
(٣) ساقط من أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>