للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وروى أبو مجلز: «أن سمرة بن جندب قال: المغمى عليه يترك الصلاة. يصلي مع كل صلاة مثلها. قال: قال عمران: زعم. ولكن ليصليهن جميعاً» (١) رواهما الأثرم.

وجه الحجة: أن ما ذكر فعل الصحابة وقولهم ولم يعرف لهم مخالف فكان إجماعاً.

ولأن الإغماء لا يؤثر في إسقاط فرض الصيام فلا يؤثر في إسقاط الصلاة كالنوم.

وأما من زال عقله بشرب دواء فقد أطلق المصنف رحمه الله القول فيه بوجوب الصلاة عليه.

وقال في المغني: ينظر فيه فإن كان -يعني شُربُ الدواءِ- محرماً لم تسقط عنه الفرائض بذلك كما لو شرب مسكراً، وإن كان مباحاً له شربه سقط عنه فرض الصلاة كما لو زال بجنون. ثم قال: ويتوجه أن لا يسقط كما لو زال بالإغماء.

قال: (ولا تجب على كافر ولا مجنون. ولا تصح منهما. وإذا صلى الكافر حكم بإسلامه).

أما كون الصلاة لا تجب على كافر؛ فلأنها لو وجبت عليه في حال كفره لوجب عليه قضاؤها في حال السلامة لأن وجوب الأداء يقتضي وجوب القضاء واللازم منتف لقول الله تعالى: {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} [الأنفال: ٣٨].

ولأنه قد أسلم كثير في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعده فلم يُؤمروا بقضاء.

ولأن في إيجاب القضاء تنفيراً لهم عن الإسلام فعفي عنه.

ولا فرق بين الأصلي والمرتد فيما ذكر لاستوائهما في ذلك.

وعن الإمام أحمد يجب على المرتد قضاء ما ترك حال ردته؛ لأنه اعتقد وجوبها وأمكنه التسبُّبَ إلى أدائها أشبه المسلم.

والأول المذهب؛ لأن الدليل الدال على إسقاط العبادة في حق الأصلي موجود في حق المرتد فوجب أن يثبت له حكمه عملاً بالمقتضي الشامل لهما.

وأما كونها لا تجب على مجنون؛ فلقوله صلى الله عليه وسلم: «رفع القلم عن ثلاث: ذكر منهم المجنون حتى يُفيق» (٢) رواه الترمذي. وقال: هذا حديث حسن.


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (٦٥٨٤) ١: ٧١ كتاب الصلوات، ما يعيد المغمى عليه من الصلاة.
(٢) أخرجه الترمذي في جامعه (١٤٢٣) ٤: ٣٢ كتاب الحدود، باب ما جاء فيمن لا يجب عليه الحد. ولفظه: عن علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يشب، وعن المعتوه حتى يعقل».
وأخرجه النسائي في سننه عن عائشة ولفظه: «رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يكبر، وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق». (٣٤٣٢) ٦: ١٥٦ كتاب الطلاق، باب من لا يقع طلاقه من الأزواج.
وأخرجه ابن ماجة في سننه (٢٠٤١) ١: ٦٥٨ كتاب الطلاق، باب: طلاق المعتوه والصغير والنائم. مثل حديث عائشة.

<<  <  ج: ص:  >  >>