للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «سُنُّوا بهم سنةَ أهلِ الكتاب» (١). فوجب أن تكون ديته كدية الكتابي.

قيل: المراد بالحديث أخذ الجزية وحقن الدم لا في كل شيء. بدليل أن ذبائحهم ونساءهم لا تحل لنا. بخلاف أهل الكتاب.

وأما كون دية الوثني ثمانمائة درهم؛ فلأنه كافر لا تحل ذبيحته. أشبه المجوسي.

فإن قيل: الوثني دمه هدر فكيف يضمن؟

قيل: المراد بالوثني هنا من لا تجوز إراقة دمه مثل من أُعطي الأمان ولذلك يقال في علة ذلك: كافر ذو عهد.

فعلى هذا لا يختص الحكم بالوثني بل كل من لا يقر بالجزية إذا حقن دمه بأمان فقتل فديته كدية المجوسي؛ لأنها أقل الديات، وهو مشابه له من حيث اشتراكهما في العهد وعدم حل المناكحة.

وأما كون من لم تبلغه الدعوة لا ضمان فيه على المذهب؛ فلأنه لا عهد له ولا أمان. أشبه الحربي.

ولا بد أن يُلحظ أنه لا أمان له فإن كان له أمان فديته دية أهل دينه لأنه له أمان. أشبه أهل دينه. فإن لم يعرف له دين ففيه دية مجوسي لأنها اليقين وما زاد مشكوك فيه.

وأما كونه إن كان ذا دين ففيه دية أهل دينه وإلا فلا شيء فيه عند أبي الخطاب؛ فلأنه إذا كان ذا دين يكون محقون الدم؛ لأنه لا يجوز قتله حتى تبلغه الدعوة، وإذا لم يكن ذا دين لم يكن محقون الدم. فلم يضمن؛ لأن الضمان في المحقون الدم إنما كان من أجل حقن دمه، وهذا مفقود فيمن لا دين له. فينتفي الضمان لانتفاء ذلك.


(١) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٩: ١٨٩ كتاب الجزية، باب المجوس أهل كتاب والجزية تؤخذ منهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>