ولأنه لو اجتمع في المتلف ما يجب الضمان به وما لا يجب غلب جانب الوجوب. دليله المُحْرم إذا قتل مُتولداً من وحشي وأهلي.
قال:(وإن سقط الجنين حياً ثم مات ففيه دية حر إن كان حراً، أو قيمته إن كان مملوكاً إذا كان سقوطه لوقت يعيش مثله وهو أن تضعه لستة أشهر فصاعداً، وإلا فحكمه حكم الميت. وإن اختلفا في حياته ولا بينة ففي أيهما يقدم قوله؟ وجهان).
أما كون الجنين فيه دية حر إذا سقط حياً لوقت يعيش مثله وكان حراً؛ فلأنه حرٌّ مات بجناية. أشبه ما لو باشره بالقتل.
وأما كونه فيه قيمته إذا كان عبداً؛ فلأن القيمة في العبد بمنزلة الدية في الحر.
وأما كون سقوطه لوقت يعيش مثله شرطاً فيما ذكر؛ فلأنه إذا لم يكن كذلك لا يعلم فيه حياة يجوز بقاؤها. فلم تجب فيه دية ولا قيمة؛ كما لو سقط ميتاً.
وأما كون الوقت الذي يعيش مثله فيه ستة أشهر فصاعداً؛ فلأن من وُلد لأقل من ذلك [لم تجر العادة ببقائه.
وأما كون حكمه حكم الميت إذا سقط لأقل من ذلك] (١)؛ فلأن الحركة التي فيه كحركة المذبوح لما ذكر من كون العادة لم تجر ببقائه.
وأما كون مستحق الدية إذا اختلف هو والجاني في حياة الجنين ولا بينة ففي أيهما يقدم قوله وجهان؛ فلأن النظر إلى أن الجنين كان حياً في بطن أمه يقتضي تقديم قول مستحق الدية لأن الأصل في كل ثابت بقاؤه على ما كان، وذلك يقتضي كونه حياً حين السقوط. والنظر إلى أن الأصل براءة ذمة الجاني من الدية يقتضي قبول قوله؛ لأنه يوافق ذلك الأصل.
وتقييد ما ذكر بلا بينة مشعر بأن أحدهما لو كان له بينة كان قوله مقدماً على الآخر وجهاً واحداً. وهو صحيح؛ لأن البينة تُظهرُ الحقَّ وتبيّنه.