للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (وتجب في الحدَب والصّعَر. وهو: أن يضربه فيصير الوجه في جانب، وفي تسويد الوجه إذا لم يزل، وإذا لم يستمسك الغائط أو البول: ففي كل واحد من ذلك دية كاملة).

أما كون الحدَب تجب فيه دية كاملة؛ فلأن بذلك تذهب المنفعة والجمال لأن انتصاب القامة من كمال الجمال ومن شرف الآدمي على سائر الحيوان.

وأما كون الصَّعَر تجب فيه دية كاملة؛ فلأن مكحولاً روى عن زيد بن ثابت أنه قال: «وفي الصَّعر الدية» (١). ولم يعرف له مخالف في الصحابة فكان إجماعاً.

ولأن الصعر يذهب معه المنفعة والجمال. فوجب فيه دية كاملة؛ كسائر المنافع.

وأما قول المصنف رحمه الله: وهو أن يضربه فيصير الوجه في جانب؛ فبيان للصعر. وأصله داءٌ يأخذ البعيرَ يلتوي (٢) له عنقه. قال الله تعالى: {ولا تُصَعِّر خدك للناس} [لقمان: ١٨]. أي ولا تعرض عنهم بوجهك تكبراً كإمالة وجه البعير الذي به الصَّعَر.

وأما كون تسويد الوجه إذا لم يزل فيه دية كاملة؛ فلأن بذلك يذهب كمال الجمال. فوجب أن تجب فيه كمال الدية؛ لما تقدم غير مرة.

وأما كون الغائط أو البول إذا لم يستمسك في كل واحد دية كاملة؛ فلأن كل واحد من محليهما فيه (٣) منفعة ليس في البدن مثلها. فوجب في تفويتها دية كاملة؛ كسائر الأعضاء.

قال: (وفي نقص شيء من ذلك إن علم بقَدْره؛ مثل: نقص العقل بأن يجن يوماً ويفيق يوماً، أو ذهاب بصر إحدى العينين، أو سمع إحدى الأذنين. وفي بعض الكلام بالحساب يقسم على ثمانية وعشرين حرفاً. ويحتمل أن يقسم على الحروف التي للّسان فيها عمل دون الشفوية كالباء والفاء والميم. وإن لم يُعلم قدره مثل إن صار مدهوشاً أو نقص سمعه أو بصره أو شمه، أو حصل في كلامه


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (٢٦٨٩٨) ٥: ٣٦٠ كتاب الديات، إذا أصابه صعر ما فيه؟
(٢) في أ: فيلتوي.
(٣) في أ: فيه دية.

<<  <  ج: ص:  >  >>