للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما كونهم لا يتعاقلون على روايةٍ؛ فلأن مقتضى الدليل أن الدية تجب على الجاني (١)، وإنما أوجبها الشرع على العاقلة تخفيفاً، والذمي ليس كالمسلم في مشروعية التخفيف. فوجب أن لا ينتقل الحمل عنه إلى العاقلة. عملاً بمقتضى الدليل السالم عن المعارض الحاصل من مشروعية التخفيف عن المسلم.

قال: (ولا يعقل ذمي عن حربي، ولا حربي عن ذمي).

أما كون الذمي لا يعقل عن حربي؛ فلأنه لا تناصر بينهما.

وأما كون الحربي لا يعقل عن ذمي؛ فلما ذكر.

ولأن الحربي لا حكم لنا (٢) عليه. فلا معنى للحكم بالعقل عليه.

قال: (ومن لا عاقلة له أو لم تكن له عاقلة تحمّل الجميع. فالدية أو باقيها عليه إن كان ذمياً، وإن كان مسلماً أخذ من بيت المال. فإن لم يكن فلا شيء على القاتل. ويحتمل أن تجب في مال القاتل وهو أولى كما قالوا في المرتد يجب أرش خطئه في ماله. ولو رمى وهو مسلم فلم يصب السهم حتى ارتد كان عليه في ماله. ولو رمى الكافر سهماً ثم أسلم ثم قتل السهم إنساناً فديته في ماله. ولو جنى ابن المعتقة ثم انجر ولاؤه ثم سرت جنايته فأرش الجناية في ماله لتعذر حمل العاقلة فكذا هذا).

أما كون من لا عاقلة له أو لم تكن له عاقلة تحمّل الجميع. تكون (٣) الدية أو باقيها عليه إذا كان ذمياً؛ فلأنه ليس له أحد يحمل عنه؛ لأنه لا عاقلة له. وبيت المال لا يحمل عنه؛ لأن المسلمين لا يرثونه.

وأما كون ذلك يؤخذ من بيت المال إذا كان مسلماً؛ فـ «لأن النبي صلى الله عليه وسلم ودى الأنصاري المقتول في خيبر من إبل الصدقة» (٤).


(١) في أ: فلأن مقتضى الدليل تجب على أن الدية الجاني.
(٢) ساقط من د.
(٣) ساقط من أ.
(٤) أخرجه أبو داود في سننه (١٦٣٨) ٢: ١١٩ كتاب الزكاة، باب كم يعطى الرجل الواحد من الزكاة؟

<<  <  ج: ص:  >  >>