للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما كون أفضلهما في دينه وعقله يقدم؛ فلأنه إذا قدم بالأفضل في الصوت؛ فلأن يقدم بالأفضل في ذلك بطريق الأولى؛ لأن مراعاة الدين والعقل أولى من مراعاة الصوت لأن ضرر فقد الدين أو العقل شديد؛ لأنه يتعدى إلى رؤية الجيران وغير ذلك بخلاف ضرر فَقْدِ حسن الصوت؛ فلأنه لا يؤدي إلى ذلك.

وأما كون من يختاره الجيران يقدم بعد ما تقدم ذكره؛ فلأنهم أعلم بمن يبلغهم صوته ولا ينظر إلى حريمهم ويكف عن عوراتهم فاعتبر اختيارهم ورجح به كالإمامة.

وأما كونهما يقرع بينهما إذا استويا؛ فلقوله صلى الله عليه وسلم: «لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا عليه» (١) متفق عليه.

و«لأنه لما تشاح الناس يوم القادسية في الأذان فاختصموا إلى سعد أقرع بينهم» (٢).

فإن قيل: ظاهر كلام المصنف رحمه الله يقتضي تقديم من يختاره الجيران على القرعة.

قيل: في ذلك روايتان.

إحداهما: هو كذلك؛ لما ذكر قبل.

والثانية: يقدم من خرجت له القرعة لأن القرعة تزيل الإبهام وتجعل من خرجت له كالمستحق المتعين.

قال: (والأذان خمس عشرة كلمة. لا ترجيع فيه. والإقامة إحدى عشرة كلمة. فإن رجع في الأذان أو ثنى الإقامة فلا بأس. ويقول في أذان الصبح: الصلاة خير من النوم مرتين).

أما كون الأذان خمس عشرة كلمة، والإقامة إحدى عشرة كلمة؛ فلما روى عبدالله بن زيد قال: «لما أَمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناقوس يُعمل لجمع الناس للصلاة وهو كاره لموافقة النصارى. طاف بي وأنا نائم رجل يحمل ناقوساً. فقلت له: يا


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٥٩٠) ١: ٢٢٢ كتاب الأذان، باب الاستهمام في الأذان.
وأخرجه مسلم في صحيحه (٤٣٧) ١: ٣٢٥ كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها وفضل الأول فالأول منها، والازدحام على الصف الأول، كلاهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ١: ٤٢٨ - ٤٢٩ كتاب الصلاة، باب الاستهام على الأذان.
وعلقه البخاري في صحيحه ١: ٢٢٢ كتاب الأذان، باب الاستهام في الأذان. ولفظه: ويذكر: أن أقواماً اختلفوا في الأذان، فأقرع بينهم سعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>