للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذين في التوراة؟ قالا: نجدُ أنه إذا شهد أربعة أنهم رأوْا ذكره في فرجها كالمرود في المكحلة رُجما. قال: فما منعكما أن ترجموهما؟ قالا: ذهبَ سلطاننا فكرهنا (١) القتل. فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشهود فجاء أربعة. فشهدوا أنهم رأوا ذكره في فرجها مثل الميل في المكحلة. فأمر النبي صلى الله عليه وسلم برجمهما» (٢).

ولأنهم إذا لم يصفوا الزنى احتمل أن يكون المشهود به لا يوجب الحد. فاعتبر ذكر كيفيته؛ ليتميز الموجب من غيره.

وأما كون الشهود يجيؤون في مجلس واحد؛ فـ «لأن عمر شهد عنده أبو بكرة (٣) ونافع وشبل بن معبد على المغيرة بالزنى ولم يشهد زياد فحد الثلاثة» (٤). ولو كان المجلس غير مشترط لم يجز أن يحدهم؛ لجواز أن يكملوا برابع في مجلس آخر.

ولأنه لو شهد ثلاثة فحدوا ثم جاء الرابع فشهد لم تقبل شهادته فلولا اشتراط المجلس لكملت شهادتهم.

وأما كون مجيئهم مجتمعين أو متفرقين سواء؛ فلأن شهود المغيرة جاؤوا واحدًا واحداً وسمعت شهادتهم. وإنما حُدوا؛ لعدم كمالها، وفي الحديث أن أبا بكرة قال لعمر: «أرأيتَ لو جاء آخر فشهد أكنتَ ترجمه؟ قال عمر: إي والذي نفسي بيده».

ولأنهم اجتمعوا في مجلس واحد. أشبه ما لو جاؤوا مجتمعين.

ولأن المجلس كله بمنزلة ابتدائه، ولهذا أجزأ فيه القبض فيما يشترط فيه القبض.


(١) في أ: وكرهنا.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه (٦٩٠١) ٦: ٢٦٧٢ كتاب الاعتصام، باب ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وحض على اتفاق أهل العلم.
وأخرجه مسلم في صحيحه (١٦٩٩) ٣: ١٣٢٦ كتاب الحدود، باب رجم اليهود، أهل الذمة في الزنى.
وأخرجه أبو داود في سننه (٤٤٥٢) ٤: ١٥٦ كتاب الحدود، باب في رجم اليهوديين.
(٣) في أ: أبو بكر.
(٤) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٨: ٢٣٤ كتاب الحدود، باب شهود الزنا إذا لم يكملوا أربعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>