للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: (والمحصن هو: الحر المسلم العاقل العفيف الذي يجامع مثله. وهل يشترط البلوغ؟ على روايتين).

أما كون المحصن الذي يحد بقذفه ثمانون جلدة هو الحر المسلم العاقل العفيف الذي يجامع مثله؛ فلأنه لو كان عبداً أو كافراً لكانت حرمتهما ناقصة. فلم تنتهض لإيجاب الحد.

ولو كان مجنوناً لم يجب عليه حد الزنا؛ لقوله عليه السلام: «رُفعَ القلمُ عن ثلاث: عن المجنون حتى يُفيق ... » (١) فلا يجب الحد بقذفه.

ولأن غير العاقل لا يلحقه شَيْن بإضافة الزنى إليه؛ لكونه غير مكلف. وحد القذف إنما وجب من أجل ذلك.

ولو كان غير عفيف لم يشنه القذف. فلا يجب الحد بقذفه؛ لما تقدم من أن القذف إنما وجب من أجله.

ولو كان مثله لا يجامع لم يشنه القذف أيضاً؛ لتحقق كذب القاذف.

وأما كونه يشترط بلوغه على روايةٍ؛ فلأنه أحد شرطي التكليف. أشبه العقل.

ولأن زنى الصبي لا يوجب حداً. فلا يجب الحد بالقذف؛ كزنى المجنون.

وأما كونه لا يشترط على روايةٍ؛ فلأنه حر عاقل عفيف يعير بهذا القول الممكن صدقه. أشبه الكبير.

فعلى هذه الرواية لا بد أن (٢) يكون كبيراً يجامع مثله، وأدناه أن يكون للغلام عشر سنين، وللجارية سبع.

قال: (وإن قال: زنيتِ وأنت صغيرة وفسره بصغر عن تسع سنين لم يحد، وإلا خرج على الروايتين).

أما كون من قال ما ذكر وفسر الصغر عن تسع سنين لا يحد؛ فلأن حد القذف إنما وجب لما يلحق بالمقذوف من العار، وذلك منتف في الصغيرة عن تسع سنين؛ لأن مثلها لا يمكن ذلك منها. فلا يلحقها عار القذف.


(١) سبق تخريجه ص: ٢١٥.
(٢) في أ: وأن.

<<  <  ج: ص:  >  >>