للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال صاحب النهاية فيها: وعندي أن هذا -يعني الخلاف- ينبني على أن حد القذف هل هو حق لله أو لآدمي؟ فإن قيل: لله وجب، وإلا لم يجب. وهو معنى صحيح يجب أن يُلحظ.

قال: (وإن قال لامرأته: يا زانية قالت: بك زنيت لم تكن قاذفة، ويسقط عنه الحد بتصديقها).

أما كون المرأة القائلة ما ذكر لا تكون قاذفة للقائل لها: يا زانية؛ فلأن ذلك لا يستعمل في القذف للقذف؛ لأنه لا يراد به حقيقة ذلك، ألا ترى أنه لو قيل لشخص: يا سارق فقال: معك سرقت لم يكن معناه الإخبار بالسرقة (١) بل معناه كما لم تسرق أنت فكذا أنا.

وأما كون الحد يسقط عن القاذف؛ فلأنه رماها بالزنا، وفي قولها: بك زنيت تصديق له، وذلك يوجب إسقاط الحد كما لو قال: زنيت فقالت: صدقت.

وقال أبو الخطاب في هدايته: يكون الرجل قاذفاً لها؛ لأنه نسبها إلى الزنى وتصديقها لم ترد به حقيقة الفعل بدليل أنه لو أريد ذلك لوجب كونها قاذفة له.

قال: (وإذا (٢) قُذفت المرأة لم يكن لولدها المطالبة إذا كانت الأم في الحياة. وإن قذفت وهي ميتة. مسلمة كانت أو كافرة. حرة أو أمة: حد القاذف إذا طالب الابن وكان حراً مسلماً. ذكره الخرقي. وقال أبو بكر: لا يجب الحد بقذف ميتة).

أما كون المرأة إذا قُذفت لا يكون لولدها المطالبة إذا كانت أمه في الحياة؛ فلأنه حق ثبت للتشفي. فلا يقوم فيه غير المستحق مقام المستحق، والمستحق هنا الأم. فلم يقم الولد مقامها.

وأما كونها إذا قُذفت ميتة يحد القاذف على ما ذكره الخرقي؛ فلأن القاذف قَدَح في نسب الحي، وذلك أنه إذا قذف أمه فقد نسبه إلى أنه ولد من زنى.

وفي قول المصنف رحمه الله: مسلمة كانت أو كافرة حرة أو أمة إشعار بأن الحد هنا لم يجب للولد بطريق الإرث؛ لأنه لو وجب على سبيل الإرث لاعتبر


(١) في أ: بالسراقة.
(٢) في أ: فإذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>