للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأن حق الآدمي مبني على الضيق والشح. بخلاف حق الله تعالى، وذلك يقتضي عدم التسوية بينهما، وسقوط ذلك (١) بالتوبة يقتضي التسوية بينهما.

قال: (ومن وجب عليه حد لله (٢) سوى ذلك فتاب قبل إقامته لم يسقط. وعنه: أنه يسقط بمجرد التوبة قبل إصلاح العمل. ومن مات وعليه حد سقط عنه).

أما كون من وجب عليه حد لله (٣) سوى حد المحاربين لا يسقط بتوبته على المذهب؛ فلأن الله عز وجل قال: {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحدٍ منهما} [النور: ٢]، {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} [المائدة: ٣٨] من غير فرق بين التائب وغيره.

ولأن النبي صلى الله عليه وسلم رجم ماعزاً وقطع السارق بإقراره من غير سؤال عن توبة.

ولأن الحد كفارة. فلم تسقط بالتوبة؛ ككفارة اليمين.

وأما كونه يسقط على روايةٍ؛ فلأن الله تعالى قال: {واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما} [النساء: ١٦]، وقال: {فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه} [المائدة: ٣٩]، وفي الحديث: «التائبُ من الذنبِ كمن لا ذنبَ له» (٤). ومن لا ذنبَ له لا حدَّ عليه.

ولأن الحد خالص حق الله. فسقط بالتوبة؛ كحد المحارب.

إذا تقرر السقوط فقد صرح المصنف رحمه الله هنا أنه يسقط بمجرد التوبة من غير إصلاح العمل.

وقال في المغني: ظاهر الآيات تدل على اعتباره في غير المحارب. فيكون إصلاح العمل في حق غير (٥) المحارب بمنزلة توبة المحارب قبل القدرة هذا لفظه.

وأما كون من مات وعليه حد يسقط عنه؛ فلأن استيفاءه بعد موته متعذر.


(١) في أ: سقوط وذلك.
(٢) في أ: حدود لله تعالى.
(٣) في أ: حداً لله تعالى.
(٤) أخرجه ابن ماجة في سننه (٤٢٥٠) ٢: ١٤١٩ كتاب الزهد، باب ذكر التوبة.
(٥) ساقط من أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>