للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (وإذا انقضى الحرب فمن وجد منهم ماله في يد إنسان أخذه، ولا يضمن أهل العدل ما أتلفوه عليهم حال الحرب من نفس أو مال. وهل يضمن البغاة ما أتلفوه على أهل العدل في الحرب؟ على روايتين. ومن أتلف في غير حال الحرب شيئاً ضمنه).

أما كون من وجد من أهل العدل والبغي ماله في يد إنسان يأخذه: أما أهل العدل؛ فظاهر.

وأما أهل البغي؛ فلأن مالهم كان معصوماً وبغيهم لم يحله. فوجب بقاؤه على ما كان.

وأما كون أهل العدل لا يضمنون ما أتلفوه على أهل البغي؛ فلأنه إذا جاز قتلهم (١). فلأن يجوز إتلاف مالهم بطريق الأولى.

ولأن جواز قتلهم يستلزم عقر دوابهم، وكسر قسيهم وما أشبه (٢) ذلك. وإذا جاز فعل ذلك لم يجب ضمانه؛ لحصوله ضرورة.

وأما كون البغاة يضمنون ما أتلفوه على أهل العدل في حال الحرب على روايةٍ؛ فلأنهم بغاة ظلمة بقتالهم، وفي الأثر أن أبا بكر قال لأهل الردة: «تدونَ قتلانا ولا ندي قتلاكم» (٣).

وأما كونهم لا يضمنون ذلك على روايةٍ؛ فلما روى الزهري قال: «كانت الفتنة العظماء بين الناس وفيهم البدريون فأجمعوا على أن لا يقامَ حد على رجل ارتكب فرجاً حراماً بتأويلِ القرآن، ولا يغرم مالاً أتلفه بتأويلِ القرآن» (٤).

ولأن البغاة طائفة ممتنعة بالحرب. فلم يضمن ما أتلفت على الأخرى بحكم الحرب؛ كأهل العدل.


(١) في أ: قتالهم.
(٢) ساقط من أ.
(٣) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٨: ١٨٣ كتاب قتال أهل البغي، باب من قال يتبعون بالدم.
(٤) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٨: ١٧٥ كتاب قتال أهل البغي، باب من قال: لا تباعة في الجراح والدماء وما فات.
وأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (٢٧٩٥٤) ٥: ٤٥٧ كتاب الديات، فيما يصاب في الفتن من الدماء. نحوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>