للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما كونه يلزمه بذله بقيمته إذا لم يكن مضطراً إليه؛ فلأن في بذله إحياء نفس آدمي معصوم. فلزمه بذله؛ كما يلزمه بذل منافعه في تخليصه من الغرق.

وأما كون المضطر له أخذ ذلك قهراً إذا أبى مالكه دفعه؛ فلأن المضطر باضطراره صار مستحقاً له.

وأما كونه يعطي المالك القيمة؛ فلئلا يجتمع فيه فوات العين وفوات المالية.

وأما كونه له ذلك على ما يسد رمقه أو قدر شبعه على اختلاف الروايتين إذا منعه من ذلك؛ فلأنه من الواجب عليه. أشبه مانعي الزكاة.

وإنما قال المصنف رحمه الله: على اختلاف الروايتين؛ للتنبيه على أن المبيح للقتال منع ما يباح له؛ لأنه الواجب.

فإن قيل: بإباحة ما يسد رمقه دون ما يشبعه فله قتاله على ذلك؛ لأنه الواجب لا على مقدار الشبع؛ لأنه غير واجب. وإن قيل يباح له الشبع فله قتاله على الشبع؛ لأنه مباح له. فيجب بذله؛ كالذي يسد رمقه.

وأما كونه لا يجب عليه ضمان صاحب المال إذا قتله؛ [فلأنه ظالم يمنعه. فقتْله جاء من تعديه. فلم يُضمن؛ كالصائل.

وأما كونه إذا قُتل على صاحب الطعام ضمانه] (١)؛ فلأنه قتله مظلوماً. أشبه قتل المصال عليه.

قال: (فإن لم يجد إلا آدمياً مباح الدم؛ كالحربي والزاني المحصن حل قتله وأكله).

أما كون المضطر إذا لم يجد إلا من ذكر يحل له قتله؛ فلأنه يحل لغير المضطر. فلأن يحل له بطريق الأولى.

وأما كونه يحل له أكله؛ فلأنه بقتله يصير ميتة فيدخل في قوله تعالى: {حُرِّمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير ... -إلى قوله-: فمن اضطر في مخمصةٍ غير متجانفٍ لإثم فإن الله غفور رحيم} (٢) [المائدة: ٣].


(١) ساقط من د.
(٢) في الأصول: {فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم}.

<<  <  ج: ص:  >  >>