للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فهو لا تنمي رميته ... ماله لا عد من نفره

والأول أولى؛ لما تقدم.

ولأن الظاهر موته بجرحه سواء كان موحياً أو لم يكن، وسواء غاب عنه يوماً أو أكثر؛ لأن التقدير أنه ليس به أثر غير أثر سهمه.

وأما حديث ابن عباس فيمكن حمله على الأولى جمعاً بينه وبين قول النبي صلى الله عليه وسلم. على أنه لو كان بينهما تعارض لكان قول النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يجب اتباعه دون غيره.

فإن قيل: كلام النبي صلى الله عليه وسلم مطلق وكلام ابن عباس مقيد فيجب حمل المطلق على المقيد؛ لأن كلام ابن عباس يقع مبيناً لكلام الرسول صلى الله عليه وسلم.

قيل: كلام النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان هنا مطلقاً إلا أنه قد جاء مصرحاً بعدم اعتبار اليوم. وهو ما روى عدي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا رميتَ الصيدَ فوجدته بعد يومين ليسَ فيه إلا أثرُ سهمِكَ فكُل» (١).

وفي الجملة إذا لم يضبط ذلك باليوم فلا بد من ضبطه بأن تكون المدة يسيرة؛ لأن المدة إذا طالت ضعُف إسناد الزهوق إلى الجرح، وقد نبه الشرع على ذلك في الجملة؛ لأن في حديث عدي: «بعدَ يومٍ أو يومين» (٢)، وفي حديث أبي ثعلبة: «فوجدَهُ بعدَ ثلاث» (٣)، وفي حديث ابن عباس: «بعدَ يوم».

وأما كونه لا يحل إذا وجده وبه غير أثر سهمه مما يحتمل أن يكون أعان على قتله؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم اشترط في حل الصيد ذلك فقال في حديث عدي: «ليسَ به إلا أثرُ سهمك» (٤)، وفي حديث عمرو بن شعيب: «ما لم تجدْ فيه أثراً غيرَ


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٥١٦٧) ٥: ٢٠٨٩ كتاب الذبائح والصيد، باب الصيد إذا غاب عنه يمين أو ثلاثة.
وأخرجه مسلم في صحيحه (١٩٢٩) ٣: ١٥٣١ كتاب الصيد والذبائح، باب الصيد بالكلاب المعلمة.
(٢) سبق تخريجه في الحديث السابق.
(٣) سبق تخريجه قريباً.
(٤) مثل السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>