قال:(وإن حلف لا يشرب له الماء من العطش يقصد قطع المنَّةِ حنثَ بأكل خبزهِ واستعارةِ دابتهِ وكل ما فيه المنَّة).
أما كون من حلف بما ذكر وقد قصد قطع المنَّة يحنث بما ذكر في الجملة؛ فلأن تعميم اللفظ بتعميم القصد شائع في الشرع، منه قوله تعالى:{ولا تُظلمون فَتيلا}[النساء: ٧٧]، وقوله تعالى:{فإذًا لا يُؤتون الناس نقيرًا}[النساء: ٥٣].
ومنه قول الحطيئة يهجو قوماً:
ولا يَظلمون الناس حبة خردل
وإذا كان تعميم اللفظ بتعميم القصد شائعاً صار قول من حلف: لا يشرب له الماء من العطش مع قصد قطع المنَّة بمنزلة حلفه: لا فعلت فعلاً فيه منة ثم فعل شيئاً مما ذكر.
وأما كونه يحنث بكل واحد من أكل خبزه، واستعارة دابته، وكل ما فيه منَّة؛ فلأن العبرة بالقصد كما تقدم، والمنَّة موجودة في كل واحد مما (١) ذكر.
قال:(وإن حلف لا يلبس ثوباً من غزلها يقصد قطع منّتِها فباعه واشترى بثمنه ثوباً فلبسه: حنث. وكذلك إن انتفع بثمنه).
أما كون من حلف لا يلبس ثوباً من غزل المحلوف على غزلها يقصد قطع منَّتها فباعه واشترى بثمنه ثوباً فلبسه: حنث؛ فلأنه قصد بيمينه قطع المنّة، والمنّة حاصلة بما ذكر. فوجب أن يحنث؛ كما لو حلف لا ينتفع بغزلها فباعه واشترى بثمنه ثوباً ولبسه.
وأما كونه يحنث إذا انتفع بثمنه؛ فلأن القصد قطع المنَّة، وفي الانتفاع بغير اللبس منَّة. فيجب أن يحنث به؛ كاللبس.
قال:(وإن حلف لا يأوي معها في دار يريد جفاءها ولم يكن للدار سبب هيج يمينه فأوى معها في غيرها حنث).
أما كون من حلف بما ذكر يريد جفاء المحلوف عليها يحنث إذا أوى معها في غير دار في الجملة؛ فلأن القصد جفاؤها، ولم يحصل في غير دار.