للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (وإن حلف لا يسكن داراً، أو لا يُساكن فُلاناً وهو مساكنه. فلم يخرج في الحال: حنث؛ إلا أن يقيم لنقل متاعه أو يخشَى على نفسه الخروج فيقيم إلى أن يمكنه، فإن خرج دون متاعه وأهله حنث، إلا أن يودع متاعه أو يعيره وتأبى امرأته الخروج معه، ولا يمكنه إكراهها فيخرج وحده فلا يحنث).

أما كون من حلف بما ذكر فلم يخرج في الحال من الدار المحلوف عليها وهو قادر على نقل متاعه غير خائفٍ على نفسه الخروج يحنث؛ فلأن استدامة السُكنى سُكنى. بدليل أنه يصح أن يقال: سكن الدار شهراً.

وأما كون من يقيم لنقل متاعه لا يحنث؛ فلأن النقل لا يكون إلا بالمتاع، والإقامة من أجله إقامة لا يمكن التحرز عنها. فلا يقع اليمين عليها.

وظاهر كلام المصنف رحمه الله هنا: أن الإقامة مختصة بالمتاع.

وقال في المغني: وإن أقام لنقل متاعه وأهله لم يحنث.

والواجب حمل كلامه هنا على ما في المغني؛ لأن نقل الأهل مثل المتاع بدليل: أنه لو خرج دون أهله حنث كما يحنث إذا خرج دون متاعه.

وأما كون من يخشى على نفسه من الخروج فيقيم حتى يزول الخوف لا يحنث؛ فلأنه أقام لدفع الضرر، وإزالته عند ذلك مطلوبة شرعاً. فلم تدخل تحته اليمين؛ لأنها تقتضي المنع.

وأما كون من خرج في الحال دون أهله ومتاعه ويمكنه إخراج ذلك ولم يُودع متاعه ولا يُعيره يحنث؛ فلأن السُكنى تكون بالأهل والمال، ولهذا يقال: فلان ساكن في البلد الفلاني وهو غائب عن بيته، وإذا نزل بلداً بأهله وماله يقال: سكنه وإن نزله بنفسه.

وأما كون من خرج وحده وأودع متاعه أو أعاره متاعه وأبتِ امرأته الخروج معه ولم يمكنه إكراهها لا يحنث؛ فلأن يده زالت عن متاعه، وامرأته هو عاجز عن إخراجها، وزوال اليد والعجز لا يتصور معهما حنث البتة.

<<  <  ج: ص:  >  >>