للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما القضاء؛ فكما لو أفطر يوماً من رمضان.

وأما الكفارة؛ فلفوات زمن النذر.

والأول أصح؛ لما تقدم.

والفرق بين رمضان وبين النذر: أن تتابُع رمضان بالشرع لا بالنذر، وتتابُع النذر أوجبه الناذر على نفسه على صفة ثم فوّتها فهو شبيه بما شرط التتابُع فيه.

فإن قيل: هذا حكم ما إذا أفطر بعض المنذور لغير عذر، فما حكمه إذا أفطره لعذر فإنه لم يذكر المصنف رحمه الله حكمه؟

قيل: قد ذكره في المغني فقال: قياس المذهب أنه يبني على ما مضى ويقضي ما أفطر ويكفر: أما البناء؛ فلأنه معذور في القطع.

وأما القضاء؛ فلاستدراك ما فات من النذر الواجب صومه.

وأما الكفارة؛ فلفوات زمن المنذور.

وقال أبو الخطاب: فيه رواية أنه لا كفارة عليه؛ لأن المنذور محمول على المشروع. ولو أفطر في رمضان لعذر لم يلزمه شيء.

والأولى أولى؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأخت عقبة بن عامر: «لتركب ولتكفِّر عن يمينِها» (١). وفارق رمضان من حيث إنه لو أفطر لغير عذر لم يكن عليه كفارة إلا في الجماع. وإنما لم يذكره المصنف رحمه الله بالتصريح؛ لأنه يصح أن يدخل في قوله: وإن لم يصمه لعذر فعليه القضاء وفي الكفارة روايتان.

فإن قيل: لمَ لمْ يقتصر فيما إذا أفطر بعضه لغير عذر على قوله قبل ذلك: فلم يصمه لغير عذر؟

قيل: لأن حكم ما إذا أفطر الناذر بعضه الاستئناف على روايةٍ ولا دلالة لقوله فعليه القضاء وكفارة يمين على ذلك. بخلاف قوله: وإن لم يصمه لعذر فعليه القضاء وفي الكفارة روايتان فإن ذلك له دلالة على حكم ما أفطر الناذر بعضه؛ لاستوائهما في وجوب القضاء وجريان الخلاف في الكفارة لم يبق بينهما إلا


(١) أخرجه أبو داود في مسنده (٣٢٩٥) ٣: ٢٣٤ كتاب الأيمان والنذور، باب من رأى عليه كفارة إذا كان في معصية.
وأخرجه أحمد في مسنده (٢٨٨٠) طبعة إحياء التراث.

<<  <  ج: ص:  >  >>