للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما كون الأفضل الإجابة إليه إذا أمن نفسه في قول ابن حامد؛ فلأنه كما فيه خطر فكذا فيه أجر عظيم، ولذلك جعل الله للمجتهد فيه أجراً مع الخطأ، وأجرين مع الإصابة، وأسقط عنه حكم الخطأ.

ولأن فيه الأمر بالمعروف، ونصر المظلوم، وأداء الحق إلى مستحقه، ورد الظالم عن ظُلمه، ولذلك تولاه الرسول صلى الله عليه وسلم.

وعن ابن مسعود أنه قال: «لأن أجلسَ قاضياً بين اثنين لحق أحب إليَّ من عبادة سبعين سنة».

وحكى المصنف رحمه الله في المغني أن ابن حامد قال: إن كان -يعني المطلوب- رجلاً خاملاً لا يرجع إليه في الأحكام، ولا يُعرف فالأولى له توليه القضاء؛ ليرجع إليه في الأحكام، ويقوم به حق. وإن كان مشهوراً في الناس بالعلم يُرجع إليه في تعليم العلم والفتوى، فالأولى له الاشتغال بذلك؛ لما فيه من تحصيل النفع مع الأمن من التغرر.

قال: (ولا تثبت ولاية القضاء إلا بتولية الإمام أو نائبه).

أما كون ولاية القضاء لا تثبت بغير ولاية الإمام أو نائبه؛ فلأن ولاية القضاء حكم على الناس بالرجوع إلى أقوال القضاة، ومن ليس بإمام أو نائبه ليس له الحكم على الناس، ولا يجب عليهم الرجوع على من ولاه عليهم.

وأما كونها تثبت بتولية الإمام؛ فلأن الإمام هو وليُّ أمر المسلمين، وصاحبُ الأمر والنهي، وهو واجب الطاعة، مسموعُ الكلمة، مالك لجميع الولايات الشرعية الحكمية والحربية.

وأما كونها تثبت بولاية نائبه؛ فلأنه مُنَزّل منزلته، وقائم مقامه، ولذلك تجب طاعته والرجوع إلى قوله.

<<  <  ج: ص:  >  >>