للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما كونه لا يستفيد ذلك على روايةٍ؛ فلأن الخراج مصرفه إلى أهل الديوان. والصدقة يصرف بعضها إلى أهل الديوان، وبعضها يصرف للناس في مصارف ذلك. فلم يدخل ذلك في ولايته؛ كما لو جرت العادة لذلك بناظر خاص.

ولا بد أن يلحظ في الخلاف المذكور أن الخراج والصدقة ما خص الإمام بهما أحداً. ذكره أبو الخطاب شرطاً في جريان الوجهين. ولفظه: وأما جباية الخراج وأخذ الصدقة فهل يدخل في مطلق ولايته إذا لم يخص بناظرٍ؟ وجهان.

قال: (وله طلبُ الرزقِ لنفسه وأمنائهِ وخلفائهِ مع الحاجة. فأما مع عدمها فعلى وجهين).

أما كون القاضي له طلب الرزق لنفسه مع الحاجة؛ فلأن أخذ الرزق مع الحاجة جائز وطلبُ ما أخذه جائز يجب أن يكون جائزاً. بيان جواز الأخذ:

«أن عمر رضي الله عنه رزق شريحاً في كل شهر مائة درهم» (١).

و«رزق ابن مسعود نصف شاة كل يوم» (٢).

و«كتب إلى معاذ بن جبل وأبي عبيدة حين بعثهما إلى الشام: أن انظروا رجالاً من صالحي مَن قبلكم فاستعملوهم على القضاء وأوسعوا عليهم وارزقوهم واكفوهم من بيت المال».

وأما كونه له طلب الرزق لأمنائه وخلفائه مع الحاجة؛ لأن معناهم: فإذا جاز له الطلب لنفسه وجب أن يكون ذلك لمن هو في معناه.

وأما كونه له ذلك مع عدم الحاجة على وجه؛ فلما تقدم من رزق عمر لشريح وغيره.

ولأنه لو لم يجز ذلك لأفضى إلى تعطيل القضاء؛ لأن أحداً لا يسهل عليه الاشتغال عن اشتغال نفسه وتكسبه بغير عوض.


(١) قال في ابن حجر: لم أره هكذا. وروى عبدالرزاق في مصنفه عن الحسن بن عمارة عن الحكم، «أن عمر بن الخطاب رزق شريحا وسلمان بن ربيعة الباهلي على القضاء» (١٥٢٨٢) ٨: ٢٩٧ أبواب القضاء، باب هل يؤخذ على القضاء رزق. وهذا ضعيف منقطع، وفي البخاري تعليقاً: كان شريح يأخذ على القضاء أجراً. تلخيص الحبير ٤: ١٩٤.
(٢) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٦: ٣٥٤ كتاب قسم الفيء والغنيمة، باب ما يكون للوالي الأعظم ووالي الإقليم من مال الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>