للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما كونه ينفذ فيمن طرأ إليه؛ فلأن الطارئ إلى مكان يُعطى حكم أهله في كثير من الأحكام. ألا ترى أن الدماء الواجبة لأهل مكة يجوز تفريقها في الطارئ إليها كأهلها.

قال: (ويجوز أن يولى قاضيين أو أكثر في بلد واحد يجعلُ إلى كل واحدٍ عملاً، فيجعل إلى أحدهما الحكمَ بين الناس وإلى الآخر عقود الأنكحة. فإن جعل إليهما عملاً واحداً جاز، وعند أبي الخطاب لا يجوز).

أما كون الإمام يجوز أن يولي قاضيين أو أكثر في بلد واحدٍ يجعل لكل واحد منهما عملاً كما مثّل المصنف رحمه الله؛ فلأن ذلك ليس فيه ضرر، والإمام كامل الولاية. فوجب أن يملك ذلك؛ كتولية القاضي الواحد.

وأما كونه يجوز إذا جَعل إليهما عملاً واحداً عند غير أبي الخطاب؛ فلأنه يجوز أن يستخلف الإمام في البلدة التي هو فيها فيكون في البلدة قاضيان. فجاز أن يكون فيها قاضيان أصليان.

وأما كونه لا يجوز عند أبي الخطاب؛ فلأنه يؤدي إلى إيقاف الأحكام والخصومات؛ لأن القاضيين يختلفان في الاجتهاد فيؤدي إلى ذلك. وهذا صوابه.

والأول أصح عند المصنف رحمه الله. قاله في المغني.

قال: (وإن مات المولي أو عزل المولى مع صلاحيته لم تبطل ولايته في أحد الوجهين، وتبطل في الآخر. وهل ينعزل قبل العلم بالعزل؟ على وجهين بناء على الوكيل).

أما كون ولاية المولَّى لا تبطل بما ذكر في وجه؛ فلأنه عَقدٌ عُقِدَ لمصلحة المسلمين. فلم يبطل بموته؛ كما لو عقد الولي النكاح على موليته ثم مات أو فسخه.

وأما كونها تبطل في وجه؛ فلأنه نائبه فتبطل ولايته بما ذكر؛ كوكيله.

ويؤيد بطلان الولاية بالعزل «أن عمر رضي الله عنه قال: لأعزلنّ أبا مريم وأولي رجلاً إذا رآه الفاجر فرقه. فعزله وولى كعب بن سور».

و«ولى علي أبا الأسود ثم عزله فقال: لم عزلتني وما خنت ولا حبيت؟ قال: رأيتك يعلو كلامك على الخصمين».

<<  <  ج: ص:  >  >>