للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد نبَّهَ الشرع على ذلك حيث قال: «واغدُ يا أنيس إلى امرأةِ هذا فإن اعترفتْ فارجمها» (١).

وأما كونه يأمرها بالتوكيل؛ فلأجل فصل الخصومة بينها وبين خصمها.

وأما كونه يرسل إليها من يُحلّفها إذا وجب عليها اليمين؛ فلأن إحضارها غير مشروع، واليمين لا بد منها فتعين ذلك طريقاً لذلك.

قال: (وإن ادعى على غائبٍ عن البلد في موضعٍ لا حاكم فيه كتب إلى ثقاتٍ من أهل ذلك الموضع ليتوسطوا بينهما. فإن لم يقبلوا قيل للخصم: حقق ما تدعيه. ثم يحضره وإن بعُدت المسافة).

أما كون القاضي يكتب لمن ادعى على غائب عن البلد في موضع لا حاكم فيه إلى ثقاتٍ من أهل ذلك الموضع ليتوسطوا بينهما؛ فلأن ذلك طريق إلى قطع الخصومة مع عدم المشقة الحاصلة بالإحضار.

وأما كونه إذا لم يقبلوا يقول للخصم المدعي: حقق ما تدعيه ثم يحضر خصمه قربت المسافة أو بعُدت؛ فلأنه لا بد من فصل الخصومة. فإذا لم يمكن إلا بذلك تعين فعله وإن تضمّن مشقة؛ كما لو امتنع الخصم الحاضر في البلد من الخصومة فإنه يؤدب ويعزر.

فإن قيل: يمكن أن يرسل من يقضي بينهما.

قيل: المشقة الحاصلة بالإرسال أكثر من المشقة الحاصلة بإحضار الخصم. وعلى تقدير التساوي فالخصم أولى بحمل المشقة؛ لأنه المستعدى عليه.

وفي تقييد الموضع بأنه لا حاكم فيه إشعار بأنه إذا كان فيه حاكم لا يفعل ذلك. وهو صحيح؛ لأن فصل الخصومة في بلد الخصم يمكنه. فلم يجز تكلف المشقة مع إمكان الفصل بدونها.

فإن قيل: قد يكون شهوده ببلد القاضي إليه دون بلد الخصم.

قيل: يثبت حقه في موضع شهوده ثم يكتب القاضي كتاباً إلى بلد الخصم.


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٢٥٧٥) ٢: ٩٧١ كتاب الشروط، باب الشروط التي لا تحل في الحدود.
وأخرجه مسلم في صحيحه (١٦٩٧) ٣: ١٣٢٤ كتاب الحدود، باب من اعترف على نفسه بالزنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>