للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما كونه لا يحلف على وجه؛ فلأن البينة وحدها كافية. ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «البينةُ على المدعِي واليمينُ على من أنكر» (١). فجعل البينة في جانب واليمين في الآخر.

وأما كون المدعى عليه يحلف أن العين لا يلزمه تسليمها إلى المدعي إذا لم يكن للمدعي بينة ولم يقم المدعى عليه بينة أن المدعى به لمن سمى؛ فلأنه لو أقر له لزمه الدفع، ومن لزمه الدفع مع الإقرار لزمته اليمين مع الإنكار.

وأما كونه تقر العين في يده؛ فلأن المدعي اندفعت دعواه إما باليمين فيما إذا حلف، أو بالبينة فيما إذا كانت بينة وغيره لا يدعيها. فوجب بقاؤها على ما كان.

فإن قيل: ظاهر كلام المصنف أن إقرار العين في يد المدعى عليه فيما إذا لم يقم بينة أن المدعى به لمن سمى؛ لأنه قال: حلف المدعى عليه أنه لا يلزمه تسليمها إليه وأقرت في يده إلا أن يقيم بينه أنها لمن سمى. جعل الاستثناء بعد ذكر اليمين وإقرار العين، ومع البينة لا يمين فكذا الإقرار.

قيل: ليس مراده ذلك وفي كلامه ما يدل عليه وهو قوله: فلا يحلف؛ لأنه لو أراد ما ذكر لم يكن له حاجة إلى قوله: فلا يحلف.

وأما كونه لا يحلف إذا أقام بينة بما ذكر؛ فلأن البينة أظهرت المستحق فتعين توجه عدم الحلف إليه.

وأما كونه إذا أقر بها لمجهول يقال له: إما أن تعرّفه أو نجعلك ناكلاً؛ فلأن الإقرار بالمجهول لا يصح. فيقال له ذلك ليعرّفه فتعلم صفة الحكم المعتبر شرعاً.

فإن قيل: فما حكمه؟


(١) أخرجه الدارقطني في سننه (٩٨) ٣: ١١٠ كتاب الحدود.
وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى ١٠: ٢٥٢ كتاب الدعوى والبينات، باب البينة على المدعي واليمين على المدعي عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>