للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أتشهد أن لا إله إلا الله؟ فقال: نعم. فقال: أتشهد أني رسولُ الله؟ فقال: نعم. فصامَ وأمرَ الناسَ بالصوم» (١).

ولأن العدالة أمرٌ خفيٌ سببها الخوف من الله تعالى، ودليل ذلك: الإسلام. فإذا وجد فليكتفَ به ما لم يقم دليل على خلافه.

فعلى هذه الرواية إن جُهل إسلامه رُجع إلى قوله؛ لأنه إن لم يكن مسلماً صار مسلماً بالاعتراف.

والأول المذهب؛ لما تقدم.

وأما دعوى أن ظاهر حال المسلم العدالة فممنوعة بل الظاهر عكس ذلك.

وأما قول عمر؛ فمعارَضٌ بما روي عنه «أنه أُتي بشاهدين، فقال لهما: لستُ أعرفكما ولا يضركما إن لم أعرفكما ... الحديث».

وأما الأعرابي؛ فكان صحابياً، والصحابة كلهم عدول.

قال: (وإذا علم الحاكم عدالتهما عمل بعلمه وحكم بشهادتهما؛ إلا أن يرتاب بهما فيفرقهما ويسأل كل واحد كيف تحملت الشهادة ومتى، وفي أيّ موضع. وهل كنت وحدك أو أنت وصاحبك؟ فإن اختلفا لم يقبلهما. وإن اتفقا وعظهُما وخوّفهما، فإن ثبتا حكم بهما إذا سأله المدعي).

أما كون الحاكم يعمل بعلمه في عدالة البينة؛ فلأنه لو لم يكتف بذلك لتسلسل؛ لأن المزكيين يحتاج إلى عدالتهما. فإذا لم يعمل بعلمه احتاج كل واحد إلى مزكيين ثم كل واحد ممن يزكيهما إلى مزكيين إلى ما لا نهاية له.

وأما كونه يحكم بشهادتهما؛ فلأن شروط الحكم قد وجدت.

وأما كونه يفرّق الشاهدين ويسأل كل واحدٍ منهما السؤال المذكور إذا ارتاب فيهما؛ فلأنه يروى عن علي رضي الله عنه «أن سبعة نفر خرجوا ففُقدَ واحدٌ


(١) أخرجه أبو داود في سننه (٢٣٤٠) ٢: ٣٠٢ كتاب الصوم، باب في شهادة الواحد على رؤية هلال رمضان.
وأخرجه الترمذي في جامعه (٦٩١) ٣: ٧٤ كتاب الصوم، باب ما جاء في الصوم بالشهادة.
وأخرجه النسائي في سننه (٢١١٢) ٤: ١٣١ كتاب الصيام، باب قبول شهادة الرجل الواحد على هلال شهر رمضان.
وأخرجه ابن ماجة في سننه (١٦٥٢) ١: ٥٢٩ كتاب الصيام، باب ما جاء في الشهادة على رؤية الهلال.

<<  <  ج: ص:  >  >>