للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنه أقام بينة بحقه. فلم يستحلف؛ كما لو أقامها على حاضرٍ مكلف.

وأما كون المحكوم عليه على حجته إذا زال المعارض فإنه لو كان حاضراً لكان على حجته. فإذا زال المعارض عمن ذكر أشبه الحاضر المكلف.

قال: (وإن كان الخصم في البلد غائباً عن المجلس لم تُسمع البينة حتى يحضر. فإن امتنع من الحضور سُمعت البينة وحُكم بها في إحدى الروايتين، وفي الأخرى لا تُسمع حتى يحضر. فإن أبى بُعث إلى صاحب الشرطة ليحضره. فإن تكرر منه الاستتار أُقعد على بابه من يضيّق عليه في دخوله وخروجه حتى يحضر).

أما كون الحاكم لا يسمع بينة المدعي على حاضرٍ قبل حضوره؛ فلأن حضوره ممكن. فلم يجز الحكم عليه مع حضوره، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقض للأول حتى تسمع كلام الثاني» «١).

وأما كونه تُسمع بينة المدعي على حاضرٍ يمتنع من الحضور في روايةٍ؛ فلأنه إذا سمعت البينة على غائب وحكم بها. فلأن تسمع على الحاضر الممتنع بطريق الأولى.

ولأن (٢) الحاضر الممتنع لا عذر له، وفي الحديث أن أبا موسى قال: «كانَ الخصمان إذا اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتعد الموعد فوفى أحدهما ولم يفِ الآخر قضَى للذي وفى منهما».

وأما كونه لا تسمع بينته عليه في روايةٍ؛ فلما تقدم من قوله عليه السلام: «لا تقض للأول حتى تسمعَ كلامَ الثاني» (٣).

فعلى هذا يبعث من يحضره فإن لم يحضر معه بعث إلى صاحب الشرطة ليحضره. فإن استتر أَقعد على بابه من يضيّق عليه.


(١) أخرجه أبو داود في سننه (٣٥٨٢) ٣: ٣٠١ كتاب الأقضية، باب كيف القضاء.
وأخرجه الترمذي في جامعه (١٣٣١) ٣: ٦١٨ كتاب الأحكام، باب ما جاء في القاضي لا يقضي بين الخصمين حتى يسمع كلامهما.
(٢) في د: لأن.
(٣) سبق تخريجه قريباً.

<<  <  ج: ص:  >  >>