أما كون القاضي يجوز أن يكتب إلى مُعين فلا إشكال فيه، ولذلك كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كسرى وقيصر (١).
وأما كونه يجوز أن يكتب إلى من يصل إليه كتابي هذا من قضاة المسلمين وحكامهم؛ فلأن الكتاب المذكور كتابٌ واصلٌ إلى حاكم. أشبه ما إذا كتب إلى معين.
قال:(ولا يقبلُ الكتابُ إلا أن يشهد به شاهدان يحضرهما القاضي الكاتب فيقرأه عليهما ثم يقول: أُشهدكما أن هذا كتابي إلى فلان ابن فلان ويدفعه إليهما، وإذا وصلا إلى المكتوب إليه دفعا إليه الكتاب وقالا: نشهد أن هذا كتاب فلان إليك كتبه من عمله وأشهدنا عليه. والاحتياط أن يشهدا بما فيه ويختمه. ولا يشترط ختمه).
أما كون كتاب القاضي لا يقبل الكتاب إلا أن يشهد به عدلان؛ فلأنه نقل حكمٍ أو نقل إثباتٍ. فلم يكن فيه بد من شهادة عدلين؛ كالشهادة على الشهادة.
وأما كون القاضي يحضرهما فيقرأه عليهما؛ فلأن تحمل الشهادة بغير معرفة المشهود به غير جائز.
وقول المصنف رحمه الله: فيقرأه عليهما ليس بواجب في القبول بل قراءته هي الواجبة، سواء كانت من الحاكم أو غيره لكن الأولى أن يقرأه الحاكم؛ لأنه أبلغ، ولذلك ذكره المصنف رحمه الله.
وأما كونه يقول: أُشهدكما أن هذا كتابي إلى فلان؛ فلأنه يحملهما الشهادة. فوجب أن يعتبر فيه إشهاده؛ كالشهادة على الشهادة. ويقوم مقام إشهاده بأن الكتابَ كتابه إشهادهما عليه بما في الكتاب. فلو اقتصر على قوله: هذا كتابي إلى فلان لم يجز؛ لعدم الإشهاد المشترط.
وأما كونه يدفعه إليهما؛ فلأنه لو لم يدفعه إليهما لم يمكنهما الأداء إلا بناء على الخط، وهو غير جائز.