قال المصنف رحمه الله:(وإذا حكمَ عليه فقال له: اكتب لي إلى الحاكم الكاتب أنك حكمتَ عليّ حتى لا يحكم عليّ ثانياً لم يلزمه ذلك، ولكنه يكتبُ له محضراً بالقضية).
أما كون القاضي لا يلزمه أن يكتب إلى الحاكم الكاتب أنه حكم عليه؛ فلأن الحاكم إنما يكتب فيما ثبت عنده ليحكم غيره، أو فيما حكم به لينفذه، وكلاهما مفقود هنا.
وأما كونه يكتب له محضراً بالقضية؛ فلأنه إذا لم يكتب له ربما حكم عليه غيره ثانياً وفيه ضرر والضرر ينفى شرعاً.
قال:(وكل من ثبتَ له عند حاكمٍ حقٌ أو ثبتت براءته مثل إن أنكر وحلفه الحاكم فسأل الحاكم أن يكتبَ له محضراً بما جرى ليثبت حقه أو براءته لزمه إجابته. وإن سأل من ثبت محضره عند الحاكم أن يسجل به فعل ذلك وجعله نسختين نسخة يدفعها إليه والأخرى يحبسها عنده. والورق من بيت المال، فإن لم يكن فمن مال المكتوب له).
أما كون الحاكم يلزمه إجابة من سأله: أن يكتب له محضراً بما ثبت عنده من حق أو براءة؛ فلأنه حقه قد ثبت عنده، وربما تعذر عليه إثبات ذلك في وقت آخر. فوجب أن يكتب له محضراً بيده عند طلبه؛ لتبقى حجته في يده.
وأما كون الحاكم يفعل ما سأله من ثبت محضره عنده من التسجيل به؛ فلأن المحضر بتسجيله يصير حجة لصاحبه فيلزم الحاكم أن يشهد عليه شاهدين أنه أقر له.
وأما كون السجل يجعل نسختين؛ فلأن صاحب المحضر يحتاج إلى نسخةٍ تكون بيده، وديوان الحكم يحتاج إلى أخرى تكون فيه حتى إن هلكت النسخة