إذا تقرر مأخذ الوجهين فقال المصنف رحمه الله في المغني: والأول أقيَس وأولى. وأجاب عن الحديث المذكور بأنه مخصوص بما إذا اتفقا على القسمة فإنها تجوز برضى المستضر، وما ذكر في معناه. فوجب إلحاقه به.
قال:(وإن كان بينهما عبيدٌ أو بهائمٌ أو ثيابٌ ونحوها فطلب أحدهما قسمها أعياناً بالقيمة لم يجبر الآخر عليه، وقال القاضي: يجبر).
أما كون قسم ما ذكر لا يجبر عليه على قول غير القاضي؛ فلأن الأعيان المذكورة لا يمكن قسم كل عينٍ منها. فلم يجز قسمها أعياناً بالقيمة؛ كما لو كان بين شريكين داران فطلب أحدهما قسم الدارين أعياناً بالقيمة.
وأما كونه يجبر عليه على قوله؛ فلأن الأعيان المذكورة إذا لم يمكن قسم كل عين صارت جميعها كالدار الواحدة؛ لأن اختلاف قيمة الجنس الواحد ليس بأكثر اختلافاً من قيمة الدار الكبيرة والقرية العظيمة فإن أراضي القرية تختلف، وصدر الدار خير من غيره، والاختلاف المذكور لم يمنع الإجبار على القيمة فكذا الجنس الواحد. وقد ظهر الفرق بين الأعيان المذكورة وبين الدار من حيث إن قسم كل عينٍ بما ذكر لا يمكن. بخلاف الدارين فإن قسم كل واحدة ممكنة.
قال:(وإن كان بينهما حائط لم يجبر الممتنع من قسمه. وإن استهدمَ لم يجبر على قسم عرصته. وقال أصحابنا: إن طلب قسمه طولاً بحيث يكون له نصف الطول في كمال العرض أجبر الممتنع. وإن طلب قسمه عرضاً وكانت تسع حائطين أجبر وإلا فلا).
أما كون الممتنع من قسم الحائط لا يجبر؛ فلأن في قسمه ضرراً وذلك مانع منه.
وأما كون الممتنع من قسم عرصته لا يجبر على قول غير أصحابنا؛ فلأنه موضع للحائط. أشبه الحائط.
وأما كونه يجبر إذا طلب قسمه طولاً كما تقدم ذكره وكونه يجبر إذا طلب قسمه عرضاً وكانت تسع حائطين على قول أصحابنا؛ فلأن ذلك لا ضرر فيه البتة.