للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما كونه بينهما إذا كانت أيديهما عليه من طريق المشاهدة؛ فلأن المشاهدة أقوى من اليد الحكمية. بدليل: لو تنازع الخياط وصاحب الدار الإبرة والمقص.

فإن قيل: قول القاضي يجري في مسألة الزوجين أم هو مختص بمسألة الصانعين؟ .

قيل: هو عام فيهما، وصرح به المصنف رحمه الله في المغني في مسألة الزوجين.

قال: (وكل من قلنا هو له فهو له مع يمينه إذا لم تكن بينة. وإن كانت لأحدهما بينة حُكم له بها).

أما كون اليمين على من حُكم له بشيء مما ذكر؛ فلأنه يحتمل أن لا يكون ذلك له فشُرعت اليمين من أجل ذلك.

وأما كون من كانت له بينة يُحكم له بها؛ فلأن البينة تُظهر صاحب الحق، وذلك يقتضي كون الحكم له دون غيره.

قال: (وإن كان لكل واحدٍ منهما بينة حُكم بها للمدعي في ظاهر المذهب. وعنه: إن شهدت بينة المدعى عليه أنها له نتجت في ملكه أو قطيعة من الإمام قدمت بينته، وإلا فهي للمدعي ببينته. قال القاضي فيهما: إذا لم يكن مع بينة الداخل ترجيح لم يُحكم بها رواية واحدة. وقال أبو الخطاب: فيه رواية أخرى أنها مقدمة بكل حال).

أما كون العين يحكم بها للمدعي في ظاهر المذهب إذا كان لكل واحدٍ من المتنازعين بينة وكانت العين في يد أحدهما؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «البينةُ على المدعِي واليمينُ على المدعَى عليه» (١). جعل النبي صلى الله عليه وسلم جنس البينات في جنبة المدعي فلا تبقى في جنبة المنكر بينة.

ولأن بينة المدعي أكثر فائدة فوجب تقديمها. ودليل كثرة فائدتها أنها تُثبت شيئاً لم يكن، وبينة المنكر إنما تُثبت ظاهراً دلت اليدُ عليه.

وأما كون المدعى عليه تقدم بينته إذا شهدت بالسبب من نتاج أو غيره كما مثّل المصنف رحمه الله؛ فلأن البينة إذا شهدت بالسبب فقد أفادت ما لا تفيده


(١) سبق تخريجه ص: ٥٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>