فعلى هذا إن لم يكن لأحد المتنازعين بينة فهو بينهما لثبوت يدهما عليه، وإن كان لأحدهما بينة حُكم له بها؛ لأن البينة تُظهر صاحب الحق، وذلك يعلق حقه بالعين المتنازع فيها.
قال:(فإن كان لكل واحدٍ بينةٌ قدّم أسبقهما تاريخاً، فإن وقتت إحداهما (١) وأطلقت الأخرى فهما سواء. ويحتمل تقديم المطلِقة).
أما كون أسبق البينتين تاريخاً تقدّم؛ فلأنها أثبتت الملك لصاحبها في وقتٍ لم تُعارضها فيه البينة الأخرى، وذلك يقتضي ثبوت الملك له في ذلك الزمان، وفي الزمان الثاني تعارضت فيه البينتان وسقطتا. فوجب بقاء الملك الثابت في الزمان الأول إلى حال التنازع.
فعلى هذا إذا شهدت بينة أحدهما أن العين له منذ سنتين وشهدت بينة الآخر أنها له منذ سنة فهي لمن شهدت بينته أنها له منذ سنتين.
إذا علم ذلك فقال المصنف رحمه الله في المغني في تقديم أقدمهما تاريخاً: قال القاضي: هو قياس المذهب. ثم قال: وظاهر كلام الخرقي التسوية بينهما؛ لأن الشاهد بالملك الحادث أولى؛ لجواز أن يعلم به دون الأول فإذا لم ترجح بهذا فلا أقل من التساوي. وأجاب عن ثبوت الملك في الزمن الأول بأن ذلك إنما يثبت تبعاً للزمن الحاصل. بدليل: أنه لو انفردت الدعوى بالزمن الماضي لم تسمع.
وأما كون البينتين سواء إذا وقتت إحداهما وأطلقت الأخرى على المذهب؛ فلأنه ليس في المطلقة ما يقتضي التقدم. فوجب استواؤهما؛ كما لو أطلقتا جميعاً.
وأما كون المطلقة يحتمل تقديمها؛ فلأن الملك فيها يجوز أن يكون ثابتاً قبل المؤقتة فيكون مقدماً عليها.
والأول أصح؛ لما تقدم. والاحتمال المذكور معارض بمثله؛ لأنه يجوز أن تكون الموقتة قبل المطلقة، وإذا تساويا في الاحتمال المذكور وجب استواؤهما.