للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما كون من قال في شهادته: جرحه فمات لا يحكم به؛ فلأنه لم يسند الموت إلى الجرح. فلم يثبت كون الموت بسبب جرحه.

قال: (وإن شهد بالزنا فلا بد أن يذكر بمن زنا، وأين زنا، وكيف زنا، وأنه رأى ذكره في فرجها. ومن أصحابنا من قال: لا يحتاج إلى ذكر المزني بها ولا ذكر المكان).

أما كون من شهد بالزنا لا بد أن يذكر بمن زنا على المذهب؛ فليُعلم هل هي ممن يجب بوطئها حدٌ أم لا؟ .

وأما كونه لا بد أن يذكر أين زنا على المذهب؛ فلأن الشهود قد يختلفون فيه. فيصير ذلك شبهة دارئة للحد.

و«لأن النبي صلى الله عليه وسلم سأل ماعزاً عن ذلك» وكان مقراً. فلأن يسأل الحاكم الشهود عنه بطريق الأولى.

وأما كونه لا بد أن يذكر كيف زنا وأنه رأى ذكره في فرجها؛ فلأن في قصة ماعز: «قال له النبي صلى الله عليه وسلم: أنكتَها؟ قال: نعم. قال: حتى غابَ ذلكَ منكَ في ذلكَ منها كما يغيبُ المرودُ في المكحلةِ والرشاء في البئر. قال: نعم» (١).

وإذا اعتبر ذلك في الإقرار ففي الشهادة أولى.

وروى أبو داود قصة اليهود وفيها: «أنهم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: إذا شهدَ أربعةٌ أنهم رأوْا ذكرهُ في فرجها مثلَ الميلِ في المُكْحُلة. فدعا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بالشهود فشهدوا أنهم رأوْا ذكرهُ في فرجها مثل الميلِ في المكحُلة. فأمرَ النبي صلى الله عليه وسلم برجمهما» (٢).

ولأن الشهود إذا لم يصفوا الزنا احتمل أن يكون المشهود به لا يوجب الحد. فاعتبر ذكر كيفيته؛ ليتحقق.

وأما كون ذكر المزني بها وذكر المكان لا يحتاج إليه على قول بعض أصحابنا؛ فلأنهما لم يذكرا في الحديثين المتقدم ذكرهما. فلم يحتج إلى ذكرهما في الشهادة.


(١) أخرجه أبو داود في سننه (٤٤٢٨) ٤: ١٤٨ كتاب الحدود، باب رجم ماعز بن مالك.
(٢) أخرجه أبو داود في سننه (٤٤٥٢) ٤: ١٥٦ كتاب الحدود، باب في رجم اليهوديين.

<<  <  ج: ص:  >  >>