للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما كونها لا تجوز في الأخرى حتى يشهده على ذلك؛ فلأن الله تعالى قال: {ولا تجسّسوا} [الحجرات: ١٢]، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من حَدَّثَ بحديثٍ ثم التَفَتَ فهي أمانَة» (١). يعني أنه لا يجوز لسامعه أن يذكره عنه؛ لالتفاته وحذره.

والأول أصح؛ لما تقدم.

والآية والخبر يحملان على غير ما ذكر؛ لأن فيه جمعاً بين الأدلة.

وأما كون شهادة من سمع رجلاً يُقرُ بحق، أو يشهد شاهداً بحق، أو سمع الحاكم يحكم، أو يشهد على حكمه وإنفاذه يجوز في أحد الروايتين؛ فلأن المعتمد عليه السماع وهو موجود.

ولأن قول المقر للشاهد: اشهد عليّ لو اعتبر لكان عمر قال للذين شهدوا على المغيرة: إنه لم يشهدكما، ولسأل الذين شهدوا على قدامة بشرب الخمر: هل أشهدكما، ولسأل عثمان الذين شهدوا على الوليد بن عقبة عن ذلك، ولسأل الذين شهدوا على السارق عن ذلك. ولم ينقل شيء من ذلك.

وأما كونها لا تجوز في صورة من الصور المتقدمة حتى يقول المشهود عليه للشاهد: اشهد عليّ في الأخرى؛ فلأنها شهادة عليه. فلم تجز قبل ذلك؛ كشهادة الشاهد على شهادة آخر.


(١) أخرجه أحمد في مسنده ٣: ٣٢٤. من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>