وأما كونها تكمل به في مسألة البيع؛ فلأن المشهود به شيء واحد يجوز أن يعاد مرة بعد أخرى ويكون واحداً، واختلاف الشهود في الوقت ليس اختلافاً فيه. فلم يؤثر اختلافهما؛ كما لو شهد أحدهم بالعربية والآخر بالفارسية.
وأما كون كل واحدٍ من الإقرار والبيع يثبت؛ فلأن البينة كملت بكل واحدٍ منهما، وكمال البينة بالشيء يوجب ثبوته.
قال:(وكذلك كل شهادة على القول؛ إلا النكاح إذا شهد أحدهما أنه تزوجها أمس وشهد الآخر أنه تزوجها اليوم لم تكمل البينة، وكذلك القذف. وقال أبو بكر: يثبت القذف).
أما كون كل شهادة على القول غير النكاح والقذف؛ كمسألتي الإقرار والبيع المتقدم ذكرهما في أن اختلاف الشاهدين في الوقت لا يؤثر؛ فلأن ذلك في معنى الشهادة على الإقرار والبيع. وقد تقدم أن الاختلاف في الوقت لا يؤثر فكذلك يجب أن لا يؤثر فيما هو في معناه.
وأما كون النكاح ليس ككل شهادة على القول؛ فلأن اختلاف الشهود في الوقت يمنع من كمال البينة عليه ومن ثبوته: أما كونه يمنع من كمالها؛ فلأن البينة الكاملة تثبت موجبها كما تقدم، والبينة المذكورة لا تثبت موجبها؛ لما يأتي ذكره.
وأما كونه يمنع من ثبوته؛ فلأن من شرط صحته حضور الشاهدين له فإذا اختلفا في الوقت لم يتحقق حصول الشرط. فلم يثبت المشروط مع عدم تحقق شرطه.
وأما كون القذف كالنكاح على قول غير أبي بكر؛ فلأن موجب القذف حد، والحد يدرأ بالشبهة، وفي اختلاف الشهود شبهة.
وأما كون القذف يثبت بذلك على قول أبي بكر؛ فلأن الشهادة على ذلك على قول ليس بنكاح. أشبه الإقرار والبيع وسائر الأقوال.
قال:(وإن شهد شاهد أنه أقر بألف وشهد آخر أنه أقر بألفين ثبت ألف، ويحلف على الآخر مع شاهده إن أحب).