وأما كون شهادة الفاسق من جهة الاعتقاد المتدين به إذا لم يتدين بما تقدم ذكره لا تُقبل على المذهب؛ فلعموم النصوص الدالة على عدم قبول قول الفاسق، وقياسه على الصور المذكورة قبل.
وأما كونه يتخرج على قبول شهادة أهل الذمة قبول شهادته؛ فلأن الفاسق من جهة الاعتقاد أحسن حالاً من الكافر. فإذا قبلت شهادته كان قبول قول الفاسق من جهة اعتقاد المتدين به أولى.
قال:(وأما من فعل شيئاً من الفروع المختلف فيها فتزوج بغير ولي، أو شرب من النبيذ ما لا يسكره، أو أخّر الحج الواجب مع إمكانه أو نحوه متأولاً فلا تُرد شهادته. وإن فعله معتقداً تحريمه رُدت شهادته. ويحتمل أن لا تُرد).
أما كون من فعل شيئاً متأولاً لا تُرد شهادته؛ فلأن الاختلاف في الفروع رحمة. فلو رُدت الشهادة بذلك لما كان الأمر كذلك.
ولأن التأويل فيما ذكر شائع جائز. بدليل اختلاف الصحابة رضوان الله عليهم في المسائل الفروعية ومن بعدهم من التابعين لهم بإحسان. وذلك لا يناسب رد الفاعل لذلك على وجه التأويل؛ لأنه فعل ما له فعله. أشبه فعل المتفق عليه.
وأما كون من فعل شيئاً من ذلك مع اعتقاد تحريمه تُرد شهادته إذا تكرر ذلك منه على المذهب؛ فلأنه فعل ما يعتقد تحريمه. أشبه فعل المحرم إجماعاً.
وأما كونه يحتمل أن لا تُرد؛ فلأن لفعله في الجملة مساغاً.
والأول أولى؛ لما تقدم.
ولأن الفاعل لشيء من الفروع المختلف فيها معتقداً التحريم بذلك: آثم لفعله، مستديم له، وذلك ينافي قبول شهادته.
قال:(الثاني: استعمال المروءة. وهو: فعلُ ما يجمّله ويزيّنه وترك ما يُدنّسه ويشينُه. فلا تُقبل شهادة المصافع والمتمسخِر والمغنّي والرقّاص واللاعب بالشطرنج والنرْد والحمام، والذي يتغدى في السوق ويمدُّ رجليه في مجمع الناس، ويحدّث بمباضَعة أهله وأمته، ويدخل الحمّام بغير مئزر ونحو ذلك).
أما كون الثاني من شيء ما يعتبر في العدالة: استعمال المروءة؛ فلأنه يلي الأول.