للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى: {إلا الذين تابوا} [النور: ٥]، وقول عمر لأبي بكرة: «تُب أقبل شهادَتك» (١).

ولأن القاذف المذكور إذا تاب تائب من ذنبه. فوجب أن تقبل شهادته؛ كالتائب من الزنا بل أولى؛ لأن الزنا أعظم من القذف.

فإن قيل: قوله تعالى: {ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً} [النور: ٤]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تجوزُ شهادةُ خائنٍ ولا محدودٍ في الإسلام» (٢) يدلان على عدم قبول شهادة القاذف وإن تاب.

قيل: أما الآية فقد استثنى الله تعالى فيها التائب بقوله بعد قوله: {ولا تقبلوا} [النور: ٤] {إلا الذين تابوا} [النور: ٥].

وأما الحديث؛ فمحمول على من لم يتب بدليل الاستثناء في الآية.

وأما كون توبة القاذف أن يكذب نفسه على المذهب؛ فلأنه جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في قوله تعالى: {إلا الذين تابوا} [النور: ٥]: «توبتهُ إكذابُ نفسه».

وأما كونها إذا علم صدق نفسه أن يقول: قد ندمت عما قلت ولا أعود إلى مثله، وأنا تائبٌ إلى الله تعالى منه على قول؛ فلأن المقصود يحصل بذلك. فوجب أن تحصل التوبة به؛ كغيره.

ولأن الندم توبة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «الندمُ توبة» (٣). فوجب أن تحصل التوبة لمن يقول: قد ندمت ... إلى آخره بحصول الندم.

وإنما اعتبر القول؛ لأن ما في الباطن لا يُطلع عليه. فلم يكن بد من القول الدال عليه؛ ليعلم تحقق الندم الموجب للتوبة.


(١) سبق تخريجه ص: ٦٥٥.
(٢) سبق تخريجه قريباً.
(٣) أخرجه ابن ماجة في سننه (٤٢٥٢) ٢: ١٤٢٠ كتاب الزهد، باب ذكر التوبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>