قال:(وأما المريض مرض الموت المخوف فيصح إقراره بغير المال. وإن أقرّ بمال لمن لا يرثه صح في أصح الروايتين، وفي الأخرى: لا يصح بزيادة على الثلث، ولا يحاصّ المقرّ له غرماء الصحة. وقال أبو الحسن التميمي والقاضي: يحاصّهم).
أما كون إقرار المريض المرض المذكور بغير المال يصح؛ فلأنه غير محجورٍ عليه في غير ماله.
ولأن مقتضى الدليل صحة إقراره مطلقاً. تُرك العمل به في المال؛ للحديث الوارد في ذلك. فوجب أن يبقى في غير المال على مقتضاه.
وأما كون إقراره بمال لمن لا يرثه يصح في أصح الروايتين؛ فلأنه إقرار يعتمد فيه قوله فوجب أن يصح كما لو أقر في الصحة.
وأما كونه لا يصح بزيادة على الثلث في الأخرى؛ فلأنه إقرار في المرض. أشبه إقرار الوارث.
والأول أولى؛ لما تقدم.
ولأن حالة المرض أقرب إلى الاحتياط لنفسه وإبراء ذمته وتحري الصدق. فكان قبول قوله فيه أولى، وفارق الإقرار للوارث أنه متهم فيه على ما سيأتي بيانه.
وأما كون المقر له لا يحاصّ غرماء الصحة على قول غير أبي الحسن التميمي والقاضي؛ فلأن المقرّ أقرّ بعد تعلق الحق بماله. فوجب أن لا يشارك المقر له غرماء ضيق المال. والدليل على تعلق الحق بماله منعه من التبرع بما زاد على الثلث للأجنبي، ومن التبرع للوارث بكل حال.
وأما كونه يحاصّهم على قولهما؛ فلأنهما حقان يجب قضاؤهما من رأس المال لم يختص أحدهما به. فلم يقدم أحدهما على الآخر؛ كما لو ثبتا ببينة.
قال:(وإن أقرّ لوارث لم يقبل إلا ببينة، إلا أن يُقرّ لامرأته بمهر مثلها فيصح).
أما كون إقرار المريض لوارث غير المستثنى لا يقبل إذا لم يكن له بينة تشهد بالذي أقر له به؛ فلأنه إيصال مال إلى الوارث في مرض الموت. فلم يقبل بغير رضى بقية الورثة؛ كالهبة والوصية.