للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: (ومن شرط الجماعة أن ينوي الإمام والمأموم حالهما. فإن أحرم منفرداً ثم نوى الائتمام لم يصح في أصح الروايتين. وإن نوى الإمامة صح في النفل ولم يصح في الفرض، ويحتمل أن يصح وهو أصح عندي).

أما كون الجماعة من شرطها أن ينوي الإمام والمأموم حالهما؛ فلأن الجماعة إنما انعقدت بالنية فيعتبر وجودها منهما. فلو نوى كل واحد الإمامة أو المأمومية لم يصح لعدم المأموم في الأولى والإمام في الثانية.

وأما كون من أحرم منفرداً ثم نوى الائتمام لا يصح على روايةٍ؛ فلأنه لم ينو الائتمام في ابتداء الصلاة وذلك شرط.

وأما كونه يصح على روايةٍ؛ فلأنه يجوز أن يجعل نفسه إماماً لما يأتي فجاز أن يجعلها مأموماً بالقياس عليه.

وأما كونه إذا نوى الإمامة في النفل يصح؛ فـ «لأن النبي صلى الله عليه وسلم قام يصلي في التهجد فجاء ابن عباس فأحرم معه وصلى به النبي صلى الله عليه وسلم» (١) متفق عليه.

وأما كونه إذا نواها في الفرض لا يصح على المذهب؛ فلأنه لم ينو الإمامة في ابتداء الصلاة. أشبه ما لو أحرم في يوم الجمعة بعد الخطبة وكمال العدد ثم انفضوا فأحرم بالظهر ثم تكامل العدد وهو في الصلاة فنوى الجمعة.

وأما كونه يحتمل أن يصح؛ فلأن الفرض في معنى النفل.

وأما كون ذلك أصح عند المصنف رحمه الله؛ فلأنه قد ثبت بفعل النبي صلى الله عليه وسلم أن ابتداء النية للإمامة ليست شرطاً في النفل وذلك مقتضٍ لعدم اشتراطها في الفرض؛ لأن الأصل أن ما ثبت في النفل يثبت في الفرض ما لم يقم دليل على تخصيصه، ولم يقم.

قال: (فإن أحرم مأموماً ثم نوى الانفراد لعذر جاز. وإن كان لغير عذر لم يجز في إحدى الروايتين).

أما كون من أحرم مأموماً ثم نوى الانفراد في أثناء صلاته لعذر يجوز فـ «لأن معاذاً رضي الله عنه كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم يأتي قومه فيصلي بهم. فأخر رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء ذات ليلة فصلى معه. ثم انصرف إلى قومه فصلى بهم. فافتتح سورة البقرة. ففارقه رجل فأتم صلاته. فقالوا له: نافقت! فقال: ما


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (١٨١) ١: ٧٨ كتاب الوضوء، باب قراءة القرآن بعد الحدث وغيره.
وأخرجه مسلم في صحيحه (٧٦٣) ١: ٥٢٥ كتاب صلاة المسافرين، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه.

<<  <  ج: ص:  >  >>