للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأن ابن عباس رضي الله عنه قال: «أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي. فنزلت عن الحمار وتركته أمام الصف فما بالى» (١) متفق عليهما.

وقد قيل: ليس في حديث عائشة حجة لأن المار غير اللابث. وكذلك حديث ابن عباس لأن سترة الإمام سترة لمن خلفه.

قال: (ويجوز له النظر في المصحف. وإذا مرت به آية رحمة أن يسألها وآية عذاب أن يستعيذ منها. وعنه يكره ذلك في الفرض).

أما كون المصلي يجوز له النظر في المصحف؛ فلأنه ليس بعمل كثير.

وسئل الزهري عن رجل يقرأ في رمضان في المصحف. فقال: كان خيارنا يقرؤون في المصاحف.

قال ابن حامد: الفرض والنفل في ذلك سواء.

وقال القاضي: يكره في الفرض وفي النفل إذا كان حافظاً لأنه يَذْهب بالخشوع وإنما سومح به في النفل مع عدم الحفظ لأنه موضع حاجة.

وأما كونه إذا مرت به آية رحمة يجوز أن يسألها وإذا مرت به آية عذاب يجوز أن يستعيذ منها من غير كراهة نفلاً كانت الصلاة أو فرضاً على المذهب؛ فلما روى حذيفة قال: «صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة. فقلت: يركع عند المائة. ثم مضى. فقلت: يصلي بها في ركعة. فمضى. ثم افتتح آل عمران. ثم النساء. يقرأ مترسلاً. إذا مر بآية فيها تسبيح سبح. وإذا مر بسؤال سأل. وإذا مر بتعوذ تعوذ ... مختصر» (٢) رواه مسلم.

وأما كونه يكره ذلك في الفرض على روايةٍ؛ فلأن ذلك دعاء ليس بمشروع أشبه الأفعال التي لم تشرع. وفارق ذلك النافلة من حيث إنها سومح فيها بأشياء بخلاف الفريضة.


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٨٢٣) ١: ٢٩٤ كتاب صفة الصلاة، باب وضوء الصبيان ... ولفظه: عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: «أقبلت راكباً على حمار أتان وأنا يومئذ قد ناهزتُ الاحتلام ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس بمنى إلى غير جدار فمررتُ بين يدي بعض الصف فنزلت وأرسلت الأتان ترتع ودخلت في الصف فلم ينكر ذلك عليَّ أحد».
وأخرجه مسلم في صحيحه (٥٠٤) ١: ٣٦١ كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود. بنحوه.
(٢) أخرجه مسلم (٧٧٢) ١: ٥٣٦ كتاب صلاة المسافرين، باب استحباب تطويل القراءة في صلاة الليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>