للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنها عبادة شرع لها تحلّلان فكانا واجبين كالحج.

ولأنها إحدى التسليمتين فكانت واجبة كالأخرى.

وأما كون ما ذكر من التكبير إلى التسليمة الثانية سنناً على روايةٍ؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يُعلم شيئاً من ذلك للمسيء في صلاته.

ولأنه لو كان واجباً لما سقط بالسهو كالركن.

وأما كون من ترك شيئاً مما تقدم ذكره عمداً بطلت صلاته على الأول؛ فلأن الواجب متوسط بين الركن والسنة فيجب أن يعطى كل واحد منهما شبهاً. وقد أعطي من السنة شبهاً في أن الصلاة لا تبطل بتركه سهواً فوجب أن يعطى من الركن شبهاً في أن الصلاة تبطل بتركه عمداً.

وأما كون من تركه سهواً يسجد لسهوه؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم سجد للسهو لما ترك التشهد الأول (١).

وقد تقدم ما يدل على وجوبه وسائر الواجبات في معناه.

ولأنه لا يمتنع أن تكون للعبادة واجباتٌ تنجبر إذا تركها وأركانٌ لا تصح العبادة بدونها كالحج في واجباته وأركانه.

وكلام المصنف رحمه الله مشعر بعدم بطلان الصلاة بترك الواجب سهواً. وهو صحيح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما ترك الجلوس للتشهد الأول سهواً بنى على صلاته.

ولأن السجود وقع جبراناً لما وقع من الخلل فوجب أن تصير الصلاة كما لو لم يترك فيها واجباً (٢).

وأما كون من ترك شيئاً من ذلك عمداً لم تبطل صلاته على الرواية الثانية؛ فلأن ترك السنة لا تبطل عبادة من حج عنده (٣) فكذا الصلاة.

والصحيح في المذهب أن جميع ما تقدم غير التسليمة الثانية واجب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به. وأمره للوجوب. وفَعَلَه. وقال: «صلوا كما رأيتموني أصلي» (٤).


(١) وذلك فيما رواه عبدالله بن بحينة. وسوف يأتي تخريجه ص: ٤١٥.
(٢) في الأصول: واجبٌ. وهو خطأ.
(٣) في ب: وعنده.
(٤) سبق تخريجه ص: ٣٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>