للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما كونه تبطل صلاته إذا طال الفصل؛ فلتعذر بناء الباقي عليها.

وأما كون من تكلم في ذلك لغير مصلحة الصلاة نحو قوله: اسقني ماء تبطل صلاته؛ فلأنه في حكم الصلاة بدليل أن له البناء على ذلك لو لم يتكلم. والكلام في الصلاة يبطلها لقوله عليه السلام: «إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس. إنما هي التسبيح والقراءة والتكبير» (١) رواه مسلم.

فكذا فيما هو حكمها.

وأما كون من تكلم في ذلك لمصلحة الصلاة لا تبطل صلاته إماماً كان أو مأموماً في رواية؛ فـ «لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وذا اليدين تكلموا مع التعمد» (٢).

وأما كونها تبطل في روايةٍ؛ فلشمول ما تقدم من الأدلة المقتضية للبطلان لهما.

قال الإمام أحمد رحمه الله: لو أن لنا إماماً اليوم تكلم وأجاب المأموم أعاد الصلاة. هذا كان للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة. واختار هذه الرواية الخلال وقال: عليه استقر المذهب.

وأجاب أحمد عن قصة ذي اليدين بأن أبا بكر وعمر تكلما مجيبين للنبي صلى الله عليه وسلم. وكان يلزمهما أن يجيباه. وذو اليدين تكلم في زمن يمكن أن تكون الصلاة فيه قد قصرت وتغيرت.

وأما كون صلاة المأموم تبطل دون الإمام في روايةٍ؛ فلأن الإمام قد تعتريه حال يحتاج فيها إلى الكلام. مثل أن ينسى القراءة في ركعة فيذكرها في الثانية. فقد فسدت عليه ركعة. فيحتاج إلى بدلها. وهي في ظن المأمومين خامسة. وليس لهم موافقته. ولا سبيل إلى إعلامهم بغير الكلام. بخلاف المأموم.

قال: (وإن تكلم في صلب الصلاة بطلت. وعنه: لا تبطل إذا كان ساهياً أو جاهلاً. ويسجد له).

أما كون من تكلم في صلب الصلاة عمداً عالماً بكون الكلام مبطلاً تبطل صلاته؛ فلأن الكلام في الصلاة منهي عنه لما تقدم.

ولقول زيد بن أرقم: «كنا نتكلم في الصلاة. يكلم الرجل صاحبه وهو إلى جنبه حتى نزلت: {وقوموا لله قانتين} [البقرة: ٢٣٨] فأمرنا بالسكوت» (٣) متفق عليه.


(١) سبق تخريجه ص: ٣٧٤.
(٢) سبق تخريجه ص: ٤٠٤.
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه (٤٢٦٠) ٤: ١٦٤٨ كتاب التفسير، باب: {وقوموا لله قانتين}.
وأخرجه مسلم في صحيحه (٥٣٩) ١: ٣٨٣ كتاب المساجد، باب تحريم الكلام في الصلاة، ونسخ ما كان من إباحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>