للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (ويستحب لأهل الثغر الاجتماع في مسجد واحد. والأفضل لغيرهم الصلاة في المسجد الذي لا تقام فيه الجماعة إلا بحضوره. ثم ما كان أكثر جماعة. ثم في المسجد العتيق. وهل الأولى قَصْد الأبعد أو الأقرب؟ على روايتين).

أما كون أهل الثغر يستحب لهم الاجتماع في مسجد واحد فلما في ذلك من التكاثر في عين العدو، وإعلاء الكلمة، وتعظيم الإسلام، وحصول الهيبة في قلوبهم والرهبة.

وأما كون الأفضل لغير أهل الثغر الصلاة في المسجد الذي لا تقام فيه الجماعة إلا بحضوره؛ فلأن في حضوره تحصيلاً للجماعة وفي عدمه فواتاً لها بخلاف غير ذلك من المواضع.

وأما كون الأفضل بعد ذلك ما كان أكثر جماعة؛ فلقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده. وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل. وما كان أكثر فهو أحب إلى الله» (١) من المسند.

وأما كون الأفضل بعد ذلك المسجد العتيق؛ فلأن البقعة الحلال من شرائط الصلاة. والمسجد العتيق أقرب إلى القرون المتقدمة. فيكون أقرب إلى الحل.

وأما كون الأولى قَصْد الأبعد على روايةٍ فلما فيه من فضيلة السعي وكثرة الخطا والحسنات. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: «ألا! أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله! قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد ... مختصر» (٢) [رواه مسلم] (٣).

وأما كون الأولى قصد الأقرب على روايةٍ؛ فلقوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد» (٤).

ولأن له حق البر والصلة بالجوار فكذلك في حضور جماعته.


(١) أخرجه أبو داود في سننه (٥٥٤) ١: ١٥١ كتاب الصلاة، باب في فضل صلاة الجماعة.
وأخرجه النسائي في سننه (٨٤٣) ٢: ١٠٤ كتاب الإمامة، الجماعة إذا كانوا اثنين.
وأخرجه أحمد في مسنده (٢٠٥٠٧) ٥: ١٤٠.
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه (٢٥١) ١: ٢١٩ كتاب الطهارة، باب فضل إسباغ الوضوء على المكاره.
(٣) زيادة من ج.
(٤) سبق تخريجه قريباً.

<<  <  ج: ص:  >  >>