للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل ما المراد بقوله: ويفعل.

قيل: المراد أن ذلك أفضل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل الأفضل. وليس مراده بذلك أن فعل الأرفق متعين؛ لأن ذلك ينافي الجمع؛ لأن المطلوب به الرفق وفي تعيين ذلك ضده.

فإن قيل: فإن استويا عنده؟

قيل: الأفضل في المرض التأخير وفي المطر التقديم لأن السلف الذين كانوا يجمعون للمطر إنما كانوا يجمعون في وقت الأولى.

ولأن التأخير إلى وقت الثانية يفضي إلى لزوم المشقة والخروج في الظلمة ولا يحصل مقصود الرخصة. وربما زال عذر المطر. بخلاف المرض فإن الغالب بقاؤه ولا حاجة له إلى الخروج.

قال: (وللجمع في وقت الأولى ثلاثة شروط: نية الجمع عند إحرامها، ويحتمل أن تجزئه النية قبل سلامها. وأن لا يفرق بينهما إلا بقدر الإقامة والوضوء، فإن صلى السنة بينهما بطل الجمع في إحدى الروايتين. وأن يكون العذر موجوداً عند افتتاح الصلاتين وسلام الأولى).

أما كون نية الجمع من شروطه؛ فلأن الجمع عمل فيدخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم: «لا عمل إلا بنية» (١).

ولأن ذلك حال من أحوال الصلاة فاعتبر فيه النية كالإمامة والقصر.

وأما كونها تشترط عند الإحرام على المذهب؛ فلأن كل عبادة اشترطت فيها النية اشترطت في أولها كنية الصلاة.

وأما كونها يحتمل أن تجزئ قبل سلام الأولى؛ فلأن موضع الجمع حين الفراغ من الأولى والشروع في الثانية فإذا لم تتأخر عنه جاز.


(١) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ١: ٤١ كتاب الطهارة، باب الاستياك بالأصابع. عن أنس، ولفظه: «لا عمل لمن لا نية له».

<<  <  ج: ص:  >  >>