للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما كونهما من سننهما أن يقصد تلقاء وجهه؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك (١).

ولأنه أبلغ في إسماع الناس.

ولأنه إذا التفت إلى أحد جانبيه أعرض عمن في الجانب الآخر.

وأما كونهما من سننهما أن يُقَصّر الخطبة؛ فلما روى عمار قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مَئِنَّةٌ من فقهه. فأطيلوا الصلاة واقصروا الخطبة» (٢) رواه مسلم.

وأما كونهما من سننهما أن يدعو للمسلمين؛ فلأن الدعاء لهم مسنون في غير الخطبة ففيها أولى.

فإن قيل: الدعاء للسلطان ما حكمه؟

قيل: يسن لأن صلاحه صلاح المسلمين.

و«لأن أبا موسى الأشعري كان إذا خطب يدعو لعمر».

وقال القاضي: لا يستحب؛ لأنه لم ينقل عن السلف.

قال: (ولا يشترط إذن الإمام. وعنه يشترط).

أما كون إذن الإمام لا يشترط لصحة الجمعة على روايةٍ فـ «لأن علياً رضي الله عنه صلى بالناس وعثمان رضي الله عنه محصور» (٣).

ولأنها من فرائض الأعيان فلم يعتبر لها إذن الإمام كالظهر.


(١) عن عبد الله بن مسعود قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استوى على المنبر استقبلناه بوجوهنا».
أخرجه الترمذي في جامعه (٥٠٩) ٢: ٣٨٣ أبواب الصلاة، باب ما جاء في استقبال الإمام إذا خطب.
قال الترمذي: وفي الباب عن ابن عمر وحديث منصور لا نعرفه إلا من حديث محمد بن الفضل بن عطية ومحمد بن الفضل بن عطية ضعيف ذاهب الحديث عند أصحابنا والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم يستحبون استقبال الإمام إذا خطب وهو قول سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحق. قال أبو عيسى: ولا يصح في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء.
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه (٨٦٩) ٢: ٥٩٤ كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة.
وأخرجه أحمد في مسنده (١٨٣٤٣) ٤: ٢٦٣.
(٣) قال الحافظ في الفتح: روى إسماعيل الخطي في تاريخ بغداد من رواية ثعلبة بن يزيد الحماني قال: فلما كان يوم عيد الأضحى جاء علي فصلى بالناس. (ر. فتح الباري ٢: ٢٢٢ طبعة دار الريان).

<<  <  ج: ص:  >  >>